والتجاوز ممرك على الصراط، ونورك معك يسعى بين يديك وعن يمينك، وكتابك بيمينك، مبيض وجهك، وقد فصلت من بين يدي الله ﷿، وأيقنت برضاه عنك، وأنت على الصراط مع زمر العابدين، ووفود المتقين، والملائكة تنادي: سلم سلم، والوجل مع ذلك لا يفارق قلبك ولا قلوب المؤمنين، تنادي وينادون: ﴿ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير﴾ (١) فتدبر حين رأوا المنافقين طفئ نورهم، وهاج الوجل في قلوبهم، فدعوا بتمام النور والمغفرة.
فتوهم نفسك وأنت تمر خفيفًا مع الوجل، فتوهم ممرك على قدر خفة أوزارك وثقلها، فتوهم نفسك وقد انتهيت إلى آخره، فغلب على قلبك النجاة وعلا عليك الشفق، وقد عاينت نعيم الجنان، وأنت على الصراط، فتطلع قلبك إلى جوار الله ﷿، واشتاق إلى رضا الله، حتى إذا صرت إلى آخره خطوت بإحدى رجليك إلى العرصة (٢) التي بين آخر الجسر وبين باب الجنة فوضعتها على العرصة التي بعد الصراط، وبقيت القدم الأخرى على
_________
(١) التحريم /٨.
(٢) قال في المختار: العَرْصَة بوزن الضربة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العِرَاصُ والعَرَصَاتُ.
1 / 44