تتمة الإفادة
تتمة الإفادة
فرجع الإمام عما كان أهم به واشتغل بما هو أهم منه.
وفي جمادى الأولى من السنة المذكورة توفى علي بن الإمام المهدي بيفرس، وكان فيها عن أمر أبيه على أخيه عز الإسلام -كما قيل- لما بدا منه شيء إلى والده.
وفي شعبان من السنة المذكورة خرج الإمام من جهات الشام بعد أن لبث هنالك نحو أربعة أشهر، وأيام، ونزل بهجرة عيان، وصام فيها شهر رمضان، ومن هنالك ورد كتاب الإمام إلى مولانا محمد بن المتوكل على الله -رحمهم الله- وكان بصنعاء في إجلاء اليهود، وإعدام كنائسهم عن الوجود، فخاض مولانا محمد بعد الأمر بذلك مع علماء صنعاء في هذا الشأن، وجنح إلى قول العلماء، منهم القاضي محمد بن علي قيس، والقاضي محمد بن إبراهيم السحولي، والقاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال، وأنه يصح تأبيد صلح العجمي والكتابي بالجزية، ولأنه لا يصح تأبيد المشرك العربي لقوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة}[التوبة:36] والمراد: مشركي العرب، وأنه يجوز تقريرهم في هذه الأراضي لمصلحة مرجحة في تبقيتهم، إما لينتفع المسلمون بقربهم لأجل الجزية، أو لصنائع يعملوها للمسلمين، ويختصوا بها أو نحو ذلك كالإعانة للجهاد.
وإما لغير مصلحة فلا يجوز تقريرهم، وحجة الإمام عليه السلام في إجلائهم من أرض اليمن قوله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر ما تكلم به: ((أخرجوا اليهود من جزيرة العرب)) فقيل: إن جزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها والطائف، ولا يجوز إقرارهم بالحجاز، وسمي الحجاز حجازا؛ لحجزه بين نجد وتهامة.
وقيل: إن جزيرة العرب من أقصى عدن إلى ريف العراق طولا، ومن جدة إلى ما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا.
وقيل: من البصرة إلى أقصى اليمن طولا وما بين يبرين إلى السماوة عرضا.
صفحه ۱۷۲