172

ثم نزل مولانا أحمد بن المؤيد مسارعا إلى حضرة الإمام ومبايعته قبل أخيه القاسم، وتدارك الأمور، وحين وقعت صلاة الصبح ما شعر الإمام إلا بوصول مولانا القاسم في نفر قليل إلى حضرته، ولم يحضر موقفهما أحد، فبايعه، وقال له: أنت الأنهض، والأحق، وجعل له الإمام فيما أقطعه من البلاد مرسوما، وكان الذي جعل له بلاد الشرفين، وبلاد حجة، وكحلان، وعفار، والسودة، وظليمة، والأهنوم، وتحمل عنه بشيء معلوم من الدين.

ورجع مولانا القاسم بن المؤيد إلى شهارة، وارتحل الإمام من موضعه إلى قرن الوعر يريد صعدة، ثم منه إلى محل بالعمشية يقال له: العقم، ثم إلى بركة مداغش، واستقر بها بعض الأيام، وشدد فيها على سفيان، وحفظ الطرقات، وأعمال المحارس، وأمد أكابرهم بالإحسان، ثم نهض إلى العيون، وقدم، والوطاف، فضرب له هنالك، وتلقاه علي بن أحمد إلى العيون في أعيان أهل الشام، وهنأه بالقدوم وما تم له من الفتوح، وجدد البيعة بالمصافحة، ثم تقدم الجميع إلى رحبان في جيوش لا يكاد يوجد فيها الجبان، وحط الإمام فيها الرحال، ودخل صعدة لصلاة الجمعة، ورجع إليه، وأقبلت وفود الشام إلى الإمام، فألفهم، وأحسن إليهم، فبايعوه، وتابعوه، وأطاعوا له.

ولم يزل الإمام يصلح ما فسد في تلك الجهات ويسدد خللها، ومن هنالك كتب الإمام إلى أهل نجد، وأمير مكة الشريف بركات يطلب من الجميع إجابة الدعوة، ويؤذنهم بالدخول إلى بيت الله الحرام، فأجابه الشريف بركات: إني منكم أهل اليمن وإليكم، ولم يكن منا إليكم إن شاء الله إلا الجميل، غير أنه نقل إلينا من وصل من حضرة السلطان أنه في قوة لا يمكن التعبير عنها باللسان، وحركتكم بعد انصراف وجهه عن الجهات اليمنية، ربما حركت من السلطان ما لم يكن في النية، فإذا كان منكم ما أشرتم إليه طارت به الأخبار، وتحيرت الركبان في البر والبحار، ودونكم بعد ذلك مما يتفق بينكم وبينه، انتهى.

صفحه ۱۷۱