للخروج من الباب، فسبقته إلى الباب وأرامت منعه من الخروج لتقضي شهوتها منه، ورام هو الفرار منها، فلحقته قبل أن يصل إلى الباب، والتزمته بقميصه من ورائه فقدته- كما حكى سبحانه- وإذا سيدها من وراء الباب، فلما رأته اندهشت ووركت الذنب (1) على يوسف لتبرىء ساحتها عند زوجها وقالت: (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) . (2)
وأراد يوسف براءة ساحته فقال: (هي راودتني عن نفسي) لما ذكرت المرأة ذلك لم يجد يوسف بدا من تنزيه نفسه، ولو كفت عن الكذب لم يذكر يوسف شيئا من ذلك، (وشهد شاهد من أهلها) وهو صبي في المهد؛ قيل: إنه كان ابن اخت زليخا وهو ابن ثلاثة أشهر، فقال: (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) (3) لأنه لو كان مقبلا عليها لكان قميصه قد من قبل، فلما كان فارا منها كان القد من دبر لأنه هو الهارب منها، وهي الطالبة له، وهذا الأمر ظاهر، فلما رأى زوجها ذلك علم خيانة المرأة، فقال: (إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) (4) ثم أقبل على يوسف، فقال: (يوسف أعرض عن هذا) ولا تذكر هذا الحديث طلبا للبراءة فقد ظهر صدقك وبراءتك، ثم أقبل على زليخا وقال:
(واستغفري لذنبك) (5)؛ قيل: إنه لم يكن غيورا فسلبه الله الغيرة لطفا منه بيوسف حتى كفي شره، ولهذا قال ليوسف: (أعرض عن هذا) ، واقتصر على
صفحه ۸۵