نلقى الأحبة، محمد وحزبه، حتى إذا فازوا من السعادة بالدرجة العلية، وحازوا أعظم سهم من السعادة الأبدية، وأصبحت أجسادهم بسيوف الأعداء مبضعة، وأطرافهم بصفاح الأشقياء مقطعة، ورءوسهم عن الأجساد منتزعة، وعلى الرماح مرفعة، قد سقوا من كئوس الحتوف بالكأس المترعة، وتلقوا حدود السيوف بوجوه كانت إلى ربها مسرعة، وعما نهى عنه ورعة، قد أشرق صعيد كربلاء بدمائهم، وشرف طف نينوى باسلابهم، وصار مختلف أرواح الأنبياء والمرسلين، ومهبط ملائكة الله المقربين، فهم التائبون العابدون الحامدون الراكعون الساجدون (1) يحسبهم الجاهل أمواتا وهم أحياء عند ربهم يرزقون (2) ويظنهم رفاتا وهم في الغرفات آمنون (3) (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) (4) (فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (5).
ولما شاهد فوزهم بالشهادة العظمى، ونيلهم السعادة الكبرى، وصار وحيدا من أهله واسرته، فقيدا لإخوانه وصحبته، وقد أحدقت به الأعداء من كل جانب، وضاقت به المسالك والمذاهب، وفوقت (6) الأعداء نحوه سهامها ومعابلها، وجردت عليه مناصلها وعواملها، وبنات المصطفى يلذن به صارخات، ويتوسلن
صفحه ۵۷