نبيه حتى أطلعه على جميع ما كتمه عنه. وكذلك ما حدث به أصحاب رسول الله ﷺ عنه ﷺ مثل قوله: "مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله" وقوله عن الساعة:" في خمس لا يعلمهن إلا الله" ١ يخبر الصحابة التابعين بذلك؛ والتابعون يخبرون من بعدهم، وأهل الحديث يرون هذه الأحاديث ويثبتونها في كتبهم ولا يذكرون ما يخالفها مما هو الحق في زعم هؤلاء الملحدين حتى يجيء هؤلاء المفترون على الله الكذب وعلى رسوله فيبينون للناس ما خفي على الصحابة والتابعين وجميع علماء المسلمين!! هذا مما يقطع ببطلانه كل عاقل، وأبلغ من ذلك إخبار الله سبحانه في كتابه بتفرده بعلم الغيب ونفيه عن غيره حتى عن نبيه محمد ﷺ. والمفسرون من الصحابة ومن بعدهم يقررون ما دلت عليه الآيات ولم يذكر أحد منهم خلاف مدلولها وهذا ظاهر ولله الحمد، لكن لأجل ترويج الكذبة على الجهال يحتاج إلى إيضاح ذلك.
واعترض هذا على ما كتبناه على قول الناظم:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك -إلى قوله مع قول المشطر
إن لم تكن في معادي آخذ بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعا لي مما قد جنيت غدا ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
قال: هذا الاعتراض باطل من وجوه. الأول: أن هذا الرجل يزعم أن قول الناظم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي. وقول المشطر، ومنقذي من عذاب الله والألم. أو شافعا لي إلى آخره أن هذا الإنقاذ بالفعل، وأنه غير الشفاعة وأنه إن لم يحصل بالفعل فبالشفاعة. وليس كما زعم لأن الإنقاذ والأخذ باليد هو أيضا بالشفاعة لأن غير الشفاعة يكون استقلالا من دون الله ولا يتصور اعتقاد هذا من مسلم ولو كان بدويا جاهلا، والمراد تنوع الشفاعة فالنوع الأول هو الأخذ باليد والإنقاذ، وقد ورد هذا في الأحاديث
_________
١ سقطت "وقوله عن الساعة في خمس لا يعلمهن إلا الله" من "ب".
1 / 42