«تقدموا- بنفسي أنتم-، فحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه».
فتقدموا جميعا، فصاروا أمام الحسين- (عليه السلام)- يقونه بوجوههم ونحورهم ، فحمل هاني بن ثويب الحضرمي على عبد الله بن علي فقتله، ثم حمل على أخيه جعفر بن علي فقتله أيضا.
ورمى يزيد الأصبحي عثمان بن علي بسهم فقتله، ثم خرج إليه، فاحتز رأسه، فأتى به عمر بن سعد، فقال له: أثبني.
فقال عمر: عليك بأميرك- يعني عبيد الله بن زياد- فسله أن يثيبك!
وبقي العباس بن علي قائما أمام الحسين يقاتل دونه، ويميل معه حيث مال حتى قتل- رحمة الله عليه-.
*** وبقي الحسين- (عليه السلام)- وحده، فحمل عليه مالك بن بشر الكندي، فضربه بالسيف على رأسه، وعليه برنس خز فقطعه، وأفضى السيف إلى رأسه فجرحه، فألقى الحسين البرنس ودعا بقلنسوة فلبسها، ثم اعتم بعمامة وجلس، فدعا بصبي له صغير، فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد وهو في حجر الحسين بمشقص (1) فقتله.
وبقي الحسين- (عليه السلام)- مليا جالسا، ولو شاءوا أن يقتلوه قتلوه، غير أن كل قبيلة كانت تتكل على غيرها وتكره الإقدام على قتله.
وعطش الحسين فدعا بقدح من ماء، فلما وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم، فدخل فمه وحال بينه وبين شرب الماء.
فوضع القدح من يده، ولما رأى القوم قد [75- ب] أحجموا عنه قام يتمشى على المسناة (2) نحو الفرات، فحالوا بينه وبين الماء، فانصرف إلى موضعه الذي كان فيه، فأسرع له رجل من القوم بسهم، فأثبته في عاتقه، فنزع- (عليه السلام)- السهم، وضربه
صفحه ۱۵۲