لهذه القصة أن العناية بمستقبل الأبناء يجب أن تقف عند حدود لا تتجاوزها إلى السخف، بحسبان أن المستقبل يمكن أن يرتهن للأبناء والأحفاد.
والعبرة الثانية:
أن الإخاء البشري ليس من الفكرات الفلسفية التي يتسلى بها المؤلفون والكتاب، وإنما هو حقيقة بيولوجية، فليس في مصر الآن رجل أو امرأة لا ينتسب إلى ملوكها قبل ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف سنة، وليس في مصر الآن رجل أو امرأة لن يكون جدا أو جدة لجميع الملايين التي سوف تعيش بعد خمس مئة عام، إلا إذا أضرب عن التناسل، وتستطيع أيها القارئ أن تحسب هذا الحساب في بضع دقائق، وتستطيع أن تستنتج وتتحقق أن الأمة المصرية كلها عائلة واحدة، بل ماذا أقول؟ إن النوع البشري كله عائلة واحدة.
إن الإخاء البشري في الأخلاق ينهض على أخوة بشرية في البيولوجية.
الفصل السادس والخمسون
وقت من ذهب ووقت من تراب
ليس شيء أدعى إلى الحسرة والألم من رؤية الشاب وهو قاعد في المقهى يتثاءب أو يتطلع إلى المارة من رجال ونساء كأن عقله خواء لا يجد مما يشغله شيئا من مهام هذه الحياة، وتزيد الحسرة والألم عندما نجد أنه قد استعان بشاب آخر، وقد قعد كلاهما يلعبان أحد ألعاب الحظ، فيقضيان وقتهما في قتل الوقت.
وتزيد الحسرة أكثر وأكثر عندما أسأل أحدهما عن قيمة هذه اللعبة مستنكرا، فيجيبني بأنه لا يلعب للنقود وإنما يلعب للتسلية، كأن ضياع قرش من نقوده أغلى عليه من ضياع ساعة من حياته، مع أن القرش يمكن أن يسترد، أما الساعة فلن تسترد.
وهؤلاء الشبان يعيشون في سأم قد أحدثته لهم الحياة الخاوية، ولذلك يفرون من هذا السأم إلى أنواع من التسلية ترفه عنهم.
وليس بعيدا أن يقعوا بعد ذلك في المنكرات المدمرة من باب الترفيه أيضا.
صفحه نامشخص