وقدم بطاقته فتصفحها الرجل بعناية: نزلت في هذا الفندق منذ شهر تقريبا وهو مسجل في الدفتر.
كلا، لا يشبه الأب في شيء وإن يكن ذكره به عند النظرة الأولى. - استيقظت كالعادة فارتديت ملابسي، ونزلت إلى الاستراحة، ثم تناولت الفطور وذهبت. - ليس كالعادة تماما، استيقظت مبكرا. - لا أستيقظ عادة في وقت محدد، وقد استيقظت مبكرا أكثر من مرة. - قال الخادم إنك استيقظت هذا الصباح مبكرا بخلاف عادتك. - لعله لم يرني في المرات السابقة. - ألم تسمع شيئا غير مألوف في الليل؟ - كلا، نمت عقب عودتي فلم أستيقظ إلا في الصبح. - ألم يلفت نظرك شيء عقب استيقاظك؟ - كلا. - متى رأيت الخادم علي سريقوس؟ - عند خروجي من الحمام مباشرة. - ألم تلاحظ عليه شيئا؟ - كلا، كان كعادته كل يوم. - وأنت ألم يحدث لك ما يستحق الذكر؟ - كلا. - ألم تنس حافظة نقودك؟ - بلى، حدث هذا حقا، وأتاني بها علي سريقوس في الاستراحة. - وكيف كان وقع ذلك في نفسك؟ - سررت بطبيعة الحال. - وماذا أيضا؟ - لا شيء. - ألم تدهشك أمانته؟ - ربما، لا أدري بالضبط، ولعلي لم أفكر في ذلك. - من الطبيعي جدا أن تفكر في ذلك. - لعلي دهشت بعض الشيء. - بعض الشيء؟ - أعني دهشة عادية. - ما رأيك في مدى أمانته؟ - لم ألاحظ عليه ما يسوء. - وأين أمضيت الوقت فيما بين ذهابك وإيابك؟ - أتجول هنا وهناك كيفما اتفق. - بلا عمل وهذا مفهوم من البطاقة، ولكن بلا أصدقاء؟ - لا أصدقاء لي هنا. - وأمس متى غادرت الفندق؟ - حوالي العاشرة صباحا. - ومتى رجعت إليه؟ - عند منتصف الليل. - لم ترجع في أثناء النهار كما فعلت اليوم؟ - كلا! - وهل سبق لك أن فعلت ذلك؟
كيف خرقت مألوف سلوكك أمس خلافا للخطة؟! - مرة أو مرتين؟ - لا يتذكر أحد هنا ذلك. - ولكني أتذكره! - مرة أو مرتان؟ - الأرجح مرتان. - وكيف تقضي هذا اليوم عادة؟ - في التجوال، وأنا رجل غريب، وكل مكان في المدينة بالنسبة إلي جديد. - وماذا وجدت عند عودتك؟ - قابلت عم محمد الساوي في هذا المكان، وعلي سريقوس أمام باب حجرتي. - وكيف وجدته؟ - سألني إن كنت في حاجة إلى خدمة، ثم ذهب. - ألم يصادفك أحد من النزلاء؟ - كلا. - وكيف أمضيت أمس من الساعة العاشرة صباحا حتى منتصف الليل؟ - تجولت في الشوارع حتى موعد الغداء. - وأين تناولت الغداء؟ - في بقالة الحرية بكلوت بك. - مكان غريب بعض الشيء لرجل من الأعيان.
طفح بالكراهية للرجل وهو يقول: اهتديت إليه أول عهدي بالمدينة وأنا أتخبط فآنست إليه. - وبعد ذلك؟ - مشيت على شاطئ النيل. - في هذا الجو؟
وهو يضحك: أنا إسكندراني. - ثم؟
فتركوان. لا، حتى لا يجر إلهام، وفيلم مترو رأيته في الإسكندرية. - دخلت سينما مترو. - متى؟ - من الساعة السادسة. - أي فيلم؟ - فوق السحاب. - وبعد التاسعة؟ - تجولت كالعادة، وركبت باص مصر الجديدة إلى نهاية الخط لمجرد قتل الوقت.
قتل! لماذا اخترت هذه الكلمة المرعدة! - وأين تناولت العشاء؟
آه .. حذار. - في سينما مترو تناولت شطائر وحلوى. - ألم تقابل أحدا؟ - كلا. - لم تعرف أحدا في القاهرة؟ - كلا.
ثم بعد لحظة تردد: اتصلت بمدير الإعلانات بجريدة أبو الهول لعمل لكنها ليست علاقة معرفة بالمعنى المفهوم.
أخطأت؟ هل يقحم ذلك إلهام؟ - لماذا انتقلت من الإسكندرية إلى القاهرة؟ - زيارة سائح. - لعل هذا الفندق غير جدير بإقامة سائح من الأعيان؟ - هو جدير من الناحية الاقتصادية. - يبدو أنك لست من الأغنياء؟ - بلى. - ولا غاية لك من الزيارة إلا السياحة؟
صفحه نامشخص