فأجاب الرجل ووجهه يتقلص تقلص البكاء: قتل عم خليل! - قتل! - وجد قتيلا في فراشه لعنة الله على المجرمين.
رأى في المدخل عساكر ومخبرين، وفي مكان عم خليل جلس المحقق وإلى يمينه - على كرسي كريمة المعتاد - رجل آخر. وكان شاغل كرسي عم خليل عاكفا على أوراق بين يديه، وقد جلس وراء المكتب من الناحية الأخرى أحد النزلاء. وذكره الجالس مكان عم خليل بصورة أبيه المتخيلة. وأوشك اهتمام مفاجئ أن ينتزعه من دوامة الاضطراب التي اجتاحته، ولكنه ما لبث أن تبين شباب الرجل النسبي، واختلافه عن الصورة عند التحقق، فوضح له سخف مخيلته. هل يقف أو يمضي إلى حجرته؟ وبعد تردد قصير شرع في السير إلى الأمام، ولكن الجالس مكان كريمة أوقفه بإشارة من يده قائلا: انتظر من فضلك في الاستراحة.
ذهب إلى الركن الأيمن حيث جلس بعض النزلاء، فجلس معهم وهو يسأل: ماذا حدث؟ - وجد عم خليل مقتولا. - ولكن كيف؟ - من يدري! وجاء المحققون، وحجزنا جميعا للتحقيق، وحصلت المعاينة كما حصل تفتيش شامل.
وارتفع صوت بكاء مكتوم جذب عينيه إلى ركن الاستراحة الأيسر فرأى كريمة! رآها جالسة بين امرأة عجوز في السبعين ورجل يكبرها بأعوام. كيف لم ينظر صوبها وهو داخل؟ وماذا يجدر به أن يفعل؟ وبعد تردد نهض إليها، ثم قال بصوت خافت: شدي حيلك، البقية في حياتك.
لم تنبس بكلمة، وظلت مخفية وجهها بين يديها فرجع إلى مجلسه وهو يهز رأسه أسفا. ترى هل أخطأ أو أصاب بهذه الحركة؟ وهل يمكن أن تشبه المرأة العجوز أم بنت الأنفوشي؟ وماذا يدور في أذهان المحققين؟ هل سألوا عن ساكن الحجرة رقم 13؟ هل بدأت التحريات عنه؟ هل يفهمون المجرمين كما يفهم هو بنات الليل؟ وكرههم جميعا لدرجة الموت. ونظر إلى الجالسين متسائلا: وبعد؟ - أنت لم تنتظر إلا دقائق ونحن على هذه الحال منذ الصباح. - هل سألوا النزلاء الآخرين؟ - نعم، وتركوهم يذهبون، ولم يأت دورنا بعد، وسألوا الزوجة وأمها وخالها. - لكنها لم تكن موجودة فيما أعلم ...
وندم على تسرعه، ولكن رجلا قال: ولو! وحصلت مفاجآت؛ ففي الحجرة رقم 6 ضبطت كمية ضخمة من المخدرات فقبض على صاحبها، وفي الحجرة رقم 3 عثروا على لص محترف. - آه .. لعله ... - هذا جائز، كل شيء يتوقف على سبب الجريمة. - لا شك أنه السرقة.
وندم على تسرعه مرة أخرى، يحسن به أن يتجنب الأخطاء. هل وجدوا دليلا أو شبه دليل في حجرة عم خليل أو في حجرته؟ لا يبدو أن أحدا منهم يهتم به. وكم يود أن يخلو ولو دقائق إلى كريمة! احذر أن تنظر نحوها. لديها بلا شك ما يستحق أن تخبره به. ليس الأمر كما تخيل. أجل ليس الأمر كما تخيل. اللعنة .. متى يخرس الشحاذ البشع؟ في مثل هذا الوقت من كل شهر أذهب لزيارة أمي. سرقت نقود وحلي. أغلق علي سريقوس النوافذ أمام عيني، ثم أغلقت الشقة بنفسي. لا، لا أعرف له أعداء، لماذا ذكرني هذا الرجل بصورة أبي؟
وإذا برجل يقول: ومع ذلك فنحن أبرياء، فكيف يكون اضطراب المذنبين! - وأكثر من هذا فمجرد خطأ في التعبير قد يجلب متاعب لا حد لها. - ولكن لم يشنق بريء قط. - أوووه.
ولكن قد ينجو مذنب؛ أمك والرجل الهارب إلى ليبيا. والعودة إلى الفندق محض جنون، فخطة أخرى هي ما كان يلزمك، وكالقضاء والقدر اعترضت مسعاك الخائب كريمة. وحاجتك إلى أبيك لم تنقض كما توهمت ولكن الخطر يزيدها إلحاحا.
واستدعوا تباعا. وأخيرا وجد نفسه جالسا أمام المحقق. كرهه من أعماقه، ثم صمم على الانتصار عليه. - صابر سيد سيد الرحيمي.
صفحه نامشخص