<div dir="rtl" id="book-container">
على نبذ الدين باطنا واكتفوا من إسلاميتهم بالرسوم الظاهرة فتراهم يشهدون احتفالات الأعياد والمواسم ويمشي بعضهم في الجنائز وإلى مقابر المسلمين وإذا دعي إلى عقد نكاح استمع خطبة الشيخ بأدب واحتشام وغير ذلك مما من شأنه أن يساعد على الامتزاج بأهله ومواطنيه ويجعل عيشه معهم طيبا هادئا ومنهم جماعة يعتقدون الإسلام لكنه لا يعرفه جمهور المسلمين ولا يعترفون بصحته وأساس اعتقاد هؤلاء الإذعان لكلام الله وحده وإذا احتج أحد بكلام غيره عرضوه على عقولهم ومصالح البشر ونواميس الاجتماع فإذا وافقها قبلوه وإلا رفضوه فالعملة عندهم البرهان لا قال فلان وروى فلان ومن عجيب أطوار أفراد هذه الطبقة أن ترى الواحد منهم لا يصلي ولا يصوم والصلاة والصوم من أركان الإسلام الخمسة كما لا يخفى لكنك تراه كبير النفس قوي العزيمة ثابت الجأش كثير الأدب لا يكذب ولا يغش ولا يداهن ولا يتملق ولا يخضع ولا يشكو ولا يطمع وهو شديد الغيرة على الإسلام مجتهد في خدمته عامل على رفع شأنه بكل قوته إذا سمع طعنا فيه أو افتراء عليه قامت قيامته فيكتب ويخطب في الرد على الطاعنين وتسفيه آرائهم ويأخذ في تعداد مناقب الإسلام ومزاياه الجمة التي يفضل بها سائر الأديان ثم أنا نقارن بين هذا المسلم ومسلم آخر من الطبقة الجامدة فنراه يصلي ويصوم ويقف على الضريح خاشعا ضارعا ويتأدب مع القرآن فيدعي أن عقله عاجز عن فهم أسراره والنطق بعجائبه فهو من أجل ذلك يتكل على ما حققه "الشرنبلالية" "الولواجية" و"الانغروبة" و"العالمكيرية"، وليس هذا وحده بل ترى خلافه أمشاجا من الكذب والصدق والنفاق
صفحه ۱۴۵