عصر انبعاث: تاریخ امت عربی (جلد هشتم)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
ژانرها
ولا يجوز التعدي على أموال الآخرين وأملاكهم، ولكل امرئ حق التصرف التام بأملاكه الخاصة، ولا يحق لأحد أن يعتدي على أحد أو يتدخل في أموره الخاصة. ومن مات وهو متهم، فورثته أبرياء لهم حقوقهم ما لم يحكم على المورث، ويبقى لهم مال مورثهم بعد أخذ حقوق المحكوم لهم.
يتمتع جميع أفراد شعوبنا من مسلمين وغيرهم بحماية الدولة لهم ومساعدتهم بدون استثناء.
يزداد عدد أعضاء مجلس الأحكام العدلية على قدر اللزوم، وسيجتمع الأعضاء ورجال الدولة في المواعد المضروبة، ويتناقشون في أحوال الدولة بحرية تامة، ويقررون القوانين المختصة بالأمن والأموال والخراج، ثم تقدم إلى «السرعسكرية» القيادة العامة، ثم يرفع إلى مقامنا لتوشح بتوقيعنا وتصبح نافذة إلى ما شاء الله، وسنحلف بالله العظيم في غرفة الخرقة النبوية بحضور جميع العلماء والوكلاء الأعضاء، وسيحلفون بالله على أن من خالف هذه القوانين الشرعية من الوكلاء والعلماء والناس، فسيقع عليه العقاب مهما كانت مرتبته، وسيقرر قانون للعقوبات.
سيزاد راتب الموظفين بحيث يصبح الفرد منهم مكفي المئونة، وسيعاقب المرتشون ويوضع قانون خاص شديد لعقوبة الرشوة؛ لأنها أعظم سبب لخراب الممالك، ولأنها محرمة شرعا. سينفذ هذا الدستور في كافة أنحاء الممالك العثمانية وفي العاصمة.
يبلغ هذا الدستور إلى كافة سفراء الدول الصديقة الممثلة في العاصمة؛ ليكونوا شهودا على دوام هذه الإصلاحات إلى الأبد. ونسأل الله أن يلهمنا التوفيق، وأن يصب سوط عذابه على كل من خالف هذه القوانين، وأن لا ينجح له أعمالا مدى الدهر، آمين.
حرر في يوم الأحد 26 شعبان سنة 1255ه.
2
ويظهر أن هذه القوانين الدستورية لم تطبق تماما؛ لانشغال الدولة العثمانية بحروبها مع روسية، وهي المعروفة بحروب القرم، فما إن انتهت هذه الحروب في سنة 1272ه/1856م حتى أصدر السلطان قانونا جديدا عرف ب «الإصلاحات الخيرية»، التي نورد فيما يلي موجزا عنها: إن من أهم أفكارنا السامية العمل على إسعاد رعايانا التي ما فتئنا نعمل على الترفيه عنهم منذ تبوأنا العرش، فازدادت ثروة البلاد. ورغبة منا في رفع دولتنا إلى مصاف الدول العظيمة وبلوغها درجة الكمال بالتعاون مع كافة الدول الصديقة، أصدرنا الإرادة الملكية بإجراء الأمور الآتية: اتخاذ كافة التدابير لحماية جميع رعايانا على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وحفظ أموالهم وأعراضهم، ضمن الأحكام الشرعية والقوانين النظامية السابقة الواردة في «فرمان كل خانه»، وإخراجها من حيز الكتابة إلى حيز العمل، وغيرها من القوانين النافعة الصادرة عن أجدادنا السلاطين العظام، والممنوحة للطوائف المسيحية وغيرهم من أرباب الطوائف المقيمة في ديارنا، والسماح لهم بإقامة مجلس في «البطريق خانات» تحت رعاية بابنا العالي، تعمل على الإصلاح الذي يقتضيه الوقت وتستدعيه المدنية الحديثة، بموجب الوثيقة المرخص بها لأساقفة الطوائف المسيحية من السلطان أبي الفتح محمد خان الثاني وخلفائه ... وتمحى وتزال إلى الأبد - من المحررات الرسمية الديوانية - كافة التعبيرات والألفاظ المتضمنة تحقير جنس لجنس آخر في اللسان أو الجنسية أو المذهب. ويمنع قانونا استعمال كل وصف أو تعريف يخل بالشرف أو يستوجب العار بين الناس أو الموظفين. لا يمنع أحد من رعايانا من إجراء رسوم الدين وشعائره، ولا يجبر أحد على تبديل دينه.
يتمتع كل أحد من رعايانا بوظائف الدولة إذا استوفى الشروط القانونية المطلوبة، وجاز الامتحانات المرعية، وتخرج من المدارس المؤهلة. ولا يمنع أحد من رعايانا من الدخول في المدارس الملكية والعسكرية، بلا فرق ولا تمييز بين المسلمين وغيرهم. ويسمح لكل طائفة من رعايانا بفتح مدارس خاصة بها لتعليم المعارف والحرف والصنائع تحت إشراف الحكومة وتطبيق برامجها، ويكون انتخاب معلميها وطرق تدريسها تحت ملاحظة مجلس المعارف المختلط الذي نسمي أعضاءه.
تحال كافة الدعاوى التجارية والجنائية التي تقع بين المسلمين والنصارى وغيرهم من الرعايا والأجانب، على الدواوين والمحاكم الخاصة المختلطة، وتكون محاكماتهم علنية. ويجوز للمسيحيين أن يتحاكموا في محاكمهم البطريكية أو الروحية، إذا كانت الدعوى متعلقة بشئون الميراث، وتصدق شهادة الشاهد بمجرد تحليفه اليمين حسب قواعد دينه.
صفحه نامشخص