144

تاريخ الترجمة

تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي

ژانرها

ولما عاد السيد أحمد الرشيدي من بعثته الطبية عهد إليه ديوان المدارس بترجمة كتاب «الدراسة الأولية في الجغرافيا الطبيعية»، ومع امتيازه في الترجمة، وحذقه للغة العربية رأى ألا يقدم الكتاب إلى المطبعة إلا بعد أن يراجعه مدرس الجغرافيا، ومترجم كتبها رفاعة أفندي. يقول الرشيدي في خاتمة كتابه: «ولما كمل حسب الطاقة تصحيحا، وتم تهذيبا وتنقيحا، رأيته يحتوي على أسماء بلاد كثيرة وأنهار، ونحو ذلك، لست في ترجمتها إلى العربية قوي البضاعة؛ لأني وإني كنت درست أصول الجغرافيا بالأوروبا إلا أنني لم أتخذها صناعة، فجزمت أن لا مرد لها إلا العمدة الفاضل والسيد الكامل، الحاذق اللبيب، والنحرير النجيب رفاعة أفندي معلم الجغرافيا الطبيعية، ومن له في هذا الفن التآليف والتراجم البهية، فأعرضت (كذا) للديوان أن لا بد من مقابلته مع هذا الهمام، فأجبت لذلك وبلغت من سؤالي المرام، وقابلته معه على أصله مع غاية الانتباه والإتقان ... إلخ.»

167

وقد طبع هذا الكتاب في شهر ربيع الأول سنة 1254.

وفي سنة 1257 ترجم أحمد أفندي فايد المدرس بالمهندسخانة كتاب «الأقوال المرضية في علم بنية الكرة الأرضية»، وقام على تصحيحه الشيخ إبراهيم الدسوقي، ثم قوبلت ترجمته بأصله على حسب الاقتدار على يد مصطفى بهجت أفندي، ورفاعة أفندي بأمر المختص من المعارف بالنفائس، سعادة أدهم بك مدير ديوان عموم المدارس.

168

وفي هذه الفترة أيضا - في سنة 1257 - عهد إلى رفاعة بتنظيم صحيفة الوقائع المصرية والإشراف على تحريرها، فأحدث فيها تغييرات جمة، وخطا بها وبتحريرها خطوات واسعات؛ ففي تلك السنة اجتمعت لجنة مكونة من «سعادة مدير المدارس والبيك الترجمان وكاني بك، ومحمود بك مدير الإيرادات وغيرهم»، وذلك للنظر - تنفيذا لرغبة الجناب العالي في «وضع خطة سديدة تضمن صدور الوقائع على الوجه الأكمل كما هو الحال في الممالك الأخرى»،

169

ورأت اللجنة بعد اجتماعها في 27 ذي القعدة سنة 1257 / 11 يناير 1842، أن الغرض من طبع الوقائع إنما هو لنشر الأخبار الحديثة على الناس حتى يستفيد منها كل إنسان، ولا يجب الاكتفاء بنشر أخبار مصر فحسب، وقد أصبح من اللازم إضافة بند للحوادث الخارجية في الجريدة حتى يتقبلها الناس برغبة وشوق ... وحيث إن نشر مثل هذه الأخبار يتوقف على قراءة الجرائد التي تنشر في الخارج ويستوجب أن يكون الموظف المشرف على ترتيب الجريدة وتنظيمها ملما باللغتين؛ وعلى ذلك فقد تقرر إحالة أعمال ترجمة المواد المناسبة من الجرائد وعلاوة بعض قطع أدبية من الكتب الأدبية وانتخاب أخبار الملكية وترتيب الجريدة المصرية بصفة عامة على حضرة الشيخ رفاعي أفندي ناظر مدرسة الألسن؛ لوجود مترجمين جاهزين في هذه المدرسة، وحيث إن حضرة الشيخ رفاعي سيضع أصول الجريدة بحسب اللغة العربية، فتحال أعمال إفراغ الترجمة في قالب حسن بدون الإخلال بالأصل العربي وتنظيم المواد حسب النظام التركي على حضرة حسين أفندي ناظر المطبعة العامرة، وحيث إن الحوادث الأجنبية معتاد تقديمها إلى الجناب العالي بعد ترجمتها إلى اللغة التركية فيكلف البك المترجم بانتخاب المناسب منها، وإرسال صورها إلى ديوان المدارس، فبهذه الطريقة يمكن نشر الجريدة أسبوعيا.

170

وهكذا عهد إلى رفاعة تنفيذا لهذا القرار الصادر في 27 ذي القعدة

صفحه نامشخص