عند ورود الحال عليه، وكان صدوق اللهجة، عظيم الهمة لا يهاب جبارا، ولا يرهب منه، فكان سيفا مسلولا على أهل الباطل، وإذا ظهر له الحق خضع.
ومن الصالحين ولده سيدي الشيخ حسين القطان، الكبير القدر، العظيم الشأن، أزهد من رأيت، وأقرب إلى اتباع السنة، أجمع الناس على محبته واعتقاد ولايته، يعطي ما وجد، ولا يأخذ شيئا من أحد، لي عليه راتب كل شهر رغيف أتغذى كل ليلة بربعه، أجد بركته قال الشيخ عماد الدين الباعوني: هديت له خرقة، فقلت: صلي عليها، فتوقف فتوسلت وتلطفت، فأخذها ومكثت عنده نحو سنة ثم تذاكرنا فتكلمت كلاما أعجبه، قام وخلع علي تلك الخرقة، فقطعت بأنها مطوية كما أخذها ثم زرته بعد ذلك، واستأذنته في زيارة امرأته فحصل لي خير كثير، ورتبت لي رغيفا كل شهر فصار لي من بركتها كل شهر رغيفا من طعام أقطع بحله، ولله الحمد والشكر، وقلت له يوما: مالي معلوم على وقف نبي الله شعيب (عليه السلام)، وهو حلال لا شبهة فيه، وأشتهي أن أرتب لك في كل سنة غرارة قمح فقال: هذا ما تعوذته، وأنا في غنية وكفاية، فقلت: أحب أن تبين لي ذلك فقال:
عملت في هذه السنة بيدي خمسة وثلاثين درهما فأي غذاء يعوزني بعد ذلك، وامرأته من الصالحين، تأمره بالزهد والقناعة رضي الله عنهما.
ومنهم الشيخ محمود المقدسي الولي المعمر، الورع المستضعف، شيخ كبير القدر، كثير التلاوة والذكر، شديد الصبر على الفقر، لقي مرة ألف درهم، وهو مضرور إلى درهم واحد، فبقيت عنده سنة كاملة يعرفها حتى جاء صاحبها فأخذها، وكان مجاب الدعوة، وجدت بركة دعائه.
ومنهم الحاج داود بن جماعة الترعاني، فقير عالم صالح شديد الورع، كثير الاجتهاد، لم يسمع القرآن أحسن منه في وقته بهذه البلاد، من مثله،
صفحه ۱۷۳