ومنهم صاحب الحال والمقال، ومحك أبطال الرجال، العارف المتصرف المتميز المتصوف، ذو القدم في المحبة، والقدم في الصحبة، عالي المقام والرتبة، صاحب القول السايغ، الشيخ أبو بكر الصايغ، كلامه مستحسن، وقيامه في مصالح أصحابه أحسن، وأحسن، وله مجاهدات وعبادات، وتوجهات واطلاعات، وهو في خير وزيادة، جعله وإياي من أهل السعادة.
ومنهم الشيخ داود العكبري المقري، من الصالحين المتورعين، كان إذا صلى بكى وأبكى، وعمر طويلا، شهد مع جماعة من العدول في تركة، فأعطوا لكل عدل مائة فأخذها بحضرة رفاقه، ثم جاء سرا إلى والدة الأيتام، وقال أجرتي عشرة، مدة خمسة أيام، وهذه تسعون، ولا تخبري أحدا بذلك، (رحمه الله تعالى)، فأخبرتني المرأة بعد موته، وكان قليل الكلام، طويل الصيام.
ومنهم الشيخ المكاشف، السليم الصدر العارف، أبو بكر الكردي الكوكبي المقيم بحصن كوكب، رأيته وانتفعت به، وكانت المكاشفة من بعض أحواله، وكان كالأسد في مهابته وإجلاله، عبث به بعض أصحاب الأحوال اغترارا، فنهره وتهدده مرارا، فلم ينته فناله المقت وأسلبه الحال في الوقت، وكان له صولة عظيمة على الفقراء والملوك، والأكابر، وكان من أهل التمكين، فظهرت له أحوال مع التاتار تدل على ذلك بيقين، وكان طشتمر مع جبروته يخضع له ويقبل أقدامه، ودخل مرة على أرقطاي نائب صفد وكان يحبه فشكا إليه حمى حصلت له فاجتمع الكردي وانتفض، وقال: قد تحملت عنك فقم، فشفي أرقطاي لوقته، وقام يمشي من ساعته.
ومنهم الشيخ علي المهداني كان سيدا عظيما، اجتمع عليه القاصي والداني، لا تأخذه في الله لومة لائم، يقول الحق وإن كان مرا، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر وإن كان فيه القتل، ولم ير أحسن منه حالا
صفحه ۱۷۲