صاحب القلعة كان يحبه ويزوره، وسببه أنه جاء إليه وقال: بلغني أنكم تدخلون النار فلا تضركم، فقال: لا إله إلا الله تطفىء النار، فسأله أن يظهر له آية ذلك، فأمر بإيقاد نار، ثم طلب ولد له في غاية اللطف، والتوقر، وحسن السمت، يخجل الإنسان من النظر إليه، فأمره بالدخول في تلك النار، وقد تأججت، فدخلها غير مكترث ولم يأبه بها، يذكر الله حتى طفيت، فبهت الإفرنجي، وصار يعتقدهم ويزورهم.
ومن غرائب أحواله أنه أقعد في آخر عمره، فكان إذا عمل السماع نهض قائما ورقص كالصحيح، فإذا فرغ من السماع سقط مكانه، قيل إن الرجل الذي ذكره شيخ الإسلام برهان الدين بن القرداح في كتابه «حل القناع عند حل السماع» هو هذا الرجل: ومن ذريته السنية، وفروضه الزكية، الموقوف بمقالته، والمبرز في عدالته، والمجمع على جلالته، معتمد الحكام والمرجوع إليه عند الخصام، من سار ذكره واشتهر الشيخ زين الدين عمر الحمراوي، الشاهد الشافعي، لم تعرف له كبوة، ولا مين، لا جرم شهادته عندي كشهادتين، عقله رزين، ودينه متين، ومروءته غزيرة، وفضائله كثيرة، دأبه تلاوة القرآن، وحوائجه الإخوان، والصيام والقيام، وعدم المزاحمة على الحطام، وحياته رحمة، ومماته نقمة.
ومنهم الشيخ عمار العكبري، جد المشايخ بزاوية عكبرا اليوم، كان كبير القدر، مقيم بزاوية عكبرا، ومن أهم أولاده الشيخ عبد الله، كبير القدر، صاحب كرامات، وللشيخ عبد الله ولد يسمى أحمد صالح خامل، وهو إلى الآن موجود بالزاوية، ومن كرامات الشيخ عمار أن بيته انهدم، ولم يكن له ما يعمره به، وكان به جسران في غاية الحسن، فعمر صاحب عكبرا في ذلك الوقت عمارة احتاج إلى مثل الجسرين، فرآهما فأخذهما، فقيل له عنهما، فلم يلتفت إلى القول، فطفر الدم من فمه ودبره في الحال، وأشرف على الهلاك، فأمر بحمل الجسرين إلى مكانهما، وعمر البيت بنفسه، وبنى الزاوية وهي الآن.
صفحه ۱۵۹