لشأنك، فقال: لا إلا أن تطلقوا أصحابي معي، فلامه أصحابه وقالوا له:
انج بنفسك، فقال: أرجو أن نذهب جميعا، فناموا وقام يتضرع، فلما كان آخر الليل جاءت صرخة عظيمة تفرق التتار منها، وهربوا على وجوههم، ولم يعلموا السبب، فقام الشيخ كمال الدين فحل بعض الأسارى، ثم حل بعضهم بعضا، وانصرفوا جميعا، وتحققوا أن ذلك ببركته.
ومن زهده وقناعته أن أخاه مجد الدين كان قاضيا بقونية، من بلاد الروم فمات وخصه من إرثه بحكم الربع، والثمن مع بنت وزوجه نحو ثمانين ألف درهم، وجاء مملوكه بمال، وقال: تجهز به وتوجه معي لتقبض ما تستحقه، فأبى وقال كيف أترك أرض الشام، وأتوجه لطلب الدنيا، ولعلي أموت هناك، فكرر عليه فقال: وهبتك ما أستحقه، فقال:
خذ ما جاء معي من المال، فقال: لا حاجة لي به فإني بخير، وما أعلم هذا المال من أين أصله، ولا كيف جمع.
أخبرني أبي (رحمه الله تعالى) قال: رأيت الشيخ شرف الدين المنجنيقي، وكان من الصالحين بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال سامحني، وغفر لي، وأدخلني الجنة، فقلت: رأيت جدي الشيخ كمال الدين؟
فقال: نعم، فقلت: أين هو؟ فقال ذاك في الفردوس الأعلى، لقيامه بالليل، وكان الشيخ عبد المحسن الذي تقدم ذكره يقول: الشيخ كمال الدين مقدم الرجال في قيام الليل.
ومن فضيلة شرف الدين نسبه واتصاله بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنه: محمد بن الحسن، بن مفرج، بن عمرون، بن عبد الله، بن عقيل، بن يحيى، بن علي، بن عبد العزيز، بن علي، بن الحسين، ابن محمد، بن عبد الرحمن، بن القاسم، بن الوليد، بن عبد الرحمن، بن أبان، بن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومنهم الشيخ يوسف بن شمخ الحمراوي رجل كبير القدر، مقيم بزاوية الحمراء من أيام الإفرنج وكانوا يعتقدوه ويزوروه، بلغني أن
صفحه ۱۵۸