تاریخ ناپلئون بوناپارت
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
ژانرها
لم يكن يخص بالتفاته الفنون الجميلة فحسب فيسعى إلى ترقيها وإنمائها ويتوقع منها فائدة، بل كان كل ما يتعلق أمره بالذكاء، بترويض الآداب والعلوم، بمسائل الرقي العصري يجد مكانا رحبا في مخيلته العظيمة، وبعد خمسة عشر يوما من عبور البو، بين دوي مدافع لودي ودخان معسكر مانتو، كان منتحيا جهة منفردة ليكتب إلى المهندس الشهير والعالم أورياني هذه الرسالة الشهيرة:
إلى المواطن أورياني
إن العلوم التي تشرف العقل الإنساني، والفنون التي تزين الحياة وتحول الأعمال المجيدة إلى الأجيال يجب أن تكون معززة في الحكومات الحرة، وإن رجال النبوغ جميعهم، وكل الذين أوتوا مقاما في جمهورية الآداب، إنما هم إخوة مهما اختلفت المدن التي رأتهم يولدون.
كان العلماء في ميلان لا يتمتعون بالمراعاة التي هم جديرون بها، فكانوا ينزوون في أعماق مصانعهم ويرون نفوسهم سعداء بأن الملوك والكهان لا يريدون بهم شرا، أما اليوم فقد انقلبت الحالة وأصبحت الفكرة حرة في إيطاليا، ولم يبق ديوان تفتيش، ولا ظلم، ولا عذاب، إنني أدعو العلماء إلى عقد اجتماع، فيبسطون لي نظراتهم في الوسائل التي يرونها موافقة لإحياء العلوم والفنون الجميلة حياة جديدة، كل الذين يرغبون في الذهاب إلى فرنسا ينالون هناك كل إكرام وترحيب، فالشعب الفرنسي يدفع لأجل الحصول على عالم رياضي أو رسام شهير أو رجل ممتاز، مهما كان نوع عمله، أكثر مما يدفع للحصول على أغنى مدينة في العالم.
كن دائما، أيها المواطن، عضدا لهذه الآراء إلى جنب العلماء الممتازين في الميلاني.
بونابرت
إلا أن هذا الذوق، وهذا الميل الطبيعي، وهذه الغيرة التي كانت تهتم بكل شيء وتذيع مجموع الذكاء، وإن كانت تملأ صدور أصدقاء فرنسا وأعدائها بالدهشة والإعجاب، إلا أنها لم تكن إلا لتوحي بعض الغموم إلى الحكومة الخائفة التي كانت تريد الجمهورية يومذاك.
كان مجلس الشعب يشعر بخلفه في منتصر مونتينوت ولودي، وكان يرغب في إبعاد افتتاح تلك الخلفية قدر استطاعته، فأخذ يحاول إعطاء مساعد للذي كان قد برهن بسلسلة انتصارات غير منتظرة أنه يعرف كيف يعمل وينتصر وحده، أما نابوليون فلم يخطئ قط في اعتقاده بأنهم يرغبون في ضم كيلليرمان إليه، فكتب رسالة إلى كارنو الذي كان يحترمه احتراما شديدا لما توسم فيه من الخلق الطيب والمعارف العالية يفضي إليه بعدم رضاه عن ذلك الانضمام. قال: «إنني أعتقد أن انضمام كيلليرمان إلي في إيطاليا يفقد كل شيء، إنني لا أستطيع أن أخدم مختارا مع رجل يظن نفسه أول قائد في أوروبا، ثم إني أعتقد أن قائدا سيئا أفضل من قائدين صالحين، فالحرب هي كالحكومة، إنها مسألة ذوق.»
بقي نابوليون يعمل بحسب نظرياته الخاصة وينفذ خطته، وكان قد دخل إلى ميلان دخول المنتصر في الخامس عشر من شهر أيار، في حين كان يباشر في باريس بعقد الصلح الذي كان قد طرحه بنفسه على سردينيا ومونتينوت وديغو وميلليزيمو وموندوفي.
لم يجرؤ مجلس الشعب على تحقيق الغاية من هذا الانضمام، فسمي كيلليرمان حاكما عاما للبلدان المتخلى عنها لفرنسا، بمقتضى الاتفاقية الأخيرة مع الجلالة السردية، وحفظ بونابرت لنفسه، من غير مقاسمة، القيادة العامة لجيش إيطاليا.
صفحه نامشخص