تاریخ ماسونیه

شاهین مکاریوس d. 1328 AH
124

تاریخ ماسونیه

الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية

ژانرها

Large observance ، وكانت تستر مقاصد رؤسائها الخفيين تحت مظاهر علم الكيمياء وغيرها من الخزعبلات، وتعلم أسرار طريقة الصليب الأحمر وغيرها من الجمعيات السرية.

ومع ذلك لم يطل زمن هذه الجمعية المدعوة ستريكت أوبسرفانس في ألمانيا زمنا طويلا، إذ لم يتجاوز الخمس سنوات؛ أي من سنة 1767 إلى سنة 1772، وبعد ذلك سقطت هذه الجمعية من أوج عظمتها إلى دركات الذل والهوان، ولم يبق من له رغبة فيها وكادت تضمحل. ولما بدأ العالم يحذر من رؤسائها المجهولين كالبارون دي هند وجونسون وغيرهما، وكشف القناع عن مكرهم وعرفت غاياتهم بأنها ليست إلا خدمة مصلحتهم الخاصة فصلوا عن الماسونية باحتقار وابتدءوا بسن شرائع وقوانين تقرب من الماسونية الحقيقية المتبع إجراؤها في المحافل الإنكليزية وانتخبوا الدوق «فرديناند دي برونسفيك» سنة 1772 أستاذا أعظم لكل المحافل التابعة لطريقة الستريكت أوبسرفانس في أقطار المعمور الأربعة.

وانتبهت الخواطر في فرنسا أيضا إلى هذه الجمعية وما تأتيه من الأعمال، فأرادوا درسها والاطلاع على أسرارها ليعلموا إن كانت تحوي حقيقة علوما خفية، أو كما هو الظاهر منها ومن نتائجها، أي المكر والضلال، وإن كان ثم أثر لما قيل عنها وعن تعاليمها الصنائع والتاريخ وسائر الفنون، فاجتمعت محافل فرسان مار يوحنا الفرنسوية في ليون سنة 1778 بمجمع خاص وتذاكروا في أعمال الجمعية ونتائجها وأقروا على تحوير قوانينها ونص شرائع أخرى وتأليف جمعية على طريقة جديدة تتبع الحق في أعمالها.

ورأى ماسون ألمانيا هذا العمل فثارت في فؤادهم عوامل الغيرة وهبوا من غفلتهم نشيطين ليروا أعمال هذه الجمعية الجديدة ويتحققوا فيما إذا كانت أعمالها موافقة للتعاليم الماسونية ويرجعوا إلى المبادئ الحقيقية البسيطة التي تعلمها محافل بريطانيا الماسونية.

واهتم الدوق دي برونسفيك بهذا الأمر كثيرا وشمر عن ساعد جده واجتهاده بهمة شماء لا تعرف الملل ولا يعروها الكلل، وعزم أن يتحقق أصل الماسونية ويدرك الغاية التي طالما صبا إليها أسلافه فأذعن لطلبات المحافل قاطبة وألف مجمعا عاما لكل الماسونيين في ويلهلمسباد، والتأم هذا المجمع للمرة الأولى في 16 يوليو سنة 1782، وكان حاضرا فيه مندوبون من كل الأقاليم والمحافل الذين سارعوا ليشتركوا في هذا العمل المجيد، وكان الدوق دي برونسفيك الأستاذ الأعظم يصحبه كثير من مندوبي محافل فرنسا جاءوا ليحضروا هذا الاجتماع (انظر [الباب الأول، الفصل التاسع]).

وبعد أن عقدت ثلاثون جلسة طرحت فيها مسائل عديدة وتذاكروا في خلالها في أمور جمة عائد نفعها على الماسونية قاطبة كمعرفة أصلها وتعاليمها وتاريخ ظهورها ومبدأ نشأتها وواضعها الأول، ولكن هذه المسائل كلها لبثت بلا جدوى ولم يجب أحد عليها بما يبرد غليلا أو يبرئ عليلا، وبعد محاورات طويلة ومذاكرات جمة التأم الماسون بناء على طلب مندوبي فرنسا التابعين لإقليم بورغونيا وقرروا ما يأتي لخير الجمعية الماسونية وواسطة امتدادها وإجلاء لغوامض أسرارها:

إن الماسونيين الحاليين هم وحدهم الذين أعطوا علم الحق وتلقنوا الأسرار العظيمة الموحاة إليهم ليعرفوا الحق وليسيروا على موجبه غير متحاملين على أحد ولا شاكين ضرا أو ناكرين مساعدة وليسوا من سلالة فرسان مار يوحنا الحقيقيين؛ إذ يستحيل أن يكونوا ماسونا أهلا ليقبلوا الثلاث درجات الرمزية، ولكن رغما عن هذا المبدأ الشريف قررت الجمعية أن تبقي درجة تاريخية لطريقة فرسان مار يوحنا تعلم في آخر درجاتها.

هذا هو أساس تعليم الجمعية الماسونية الاسكوتسية الجديدة الذي تحور بعد طول جدال ومناضلات وليس غايته سوى الرحمة والحنان.

وكان تحوير طريقة الستريكت أوبسرفانس الذي كانت غايته اتحاد الكلمة الماسونية ولم شعثها فلا يبقى فيها انقسام ولا أحزاب فتوافق النوايا يستوجب اتحاد العمل وباتحاد العمل تحصل القوة العظيمة القاضية على العالم بالعمران بعد خراب عظيم سببه أصحاب المفاسد والغايات.

ولم تظهر هذه الطريقة في بدء نشأتها ذات أهمية عظيمة ولم تمتد بسوى بورغونيا وبقيت منحصرة في محافلها مدة طويلة حتى تشعبت أخيرا ودخلت سويسرا، حيث امتدت امتدادا عظيما، ورأت تهافت الطلاب عليها تهافت الجياع على القصاع.

صفحه نامشخص