تاریخ مسرح
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
ژانرها
وبعد أن كون سليم فرقته المسرحية في لبنان، أعد العدة للسفر إلى مصر في سبتمبر 1875، ليمثل بها في أكتوبر كما كان مقررا. ولكن أصيبت بلاده بوباء الهواء الأصفر؛ مما جعل المواني المصرية تمنع دخول السفن القادمة من الشام إليها. وأمام ذلك مكثت الفرقة بلبنان ومثلت عدة روايات على سبيل التجربة قبل السفر إلى مصر في محاولة أخرى، فمثلت روايتي «البخيل» و«مي».
9
وعلى الرغم من أن ما سبق يدل على أن الحكومة المصرية قد صرحت لفرقة سليم بالتمثيل في الأوبرا الخديوية، وقررت لذلك شهر أكتوبر 1875، إلا أن هذا الاتفاق تم سحبه لتأخر الفرقة بسبب الوباء، وقررت السفر إلى مصر مرة أخرى في العام التالي 1876، وفي أكتوبر أيضا. ونفهم بعد ذلك أن سحب امتياز الأوبرا من الفرقة لا يمنع الترخيص لها بالتمثيل في مصر. ومن هنا قالت مجلة روضة المدارس في 17 / 11 / 1876 عن الإسكندرية: «إنها في احتياج إلى مكان متقن للتشخيص العربي والإفرنجي، وقد رأينا في السوريين فيها ميلا شديدا إلى الحصول على مشخصين باللغة العربية، ونظن أن من الصواب أن يتفق مشخصو الروايات الخديوية التي لم يتيسر بعد وصولهم إلى مصر مع مشخصين من الإفرنج على استئجار المكان المعد لذلك فيها، ويكون التشخيص ليلة للعرب وليلة للإفرنج.»
10
وهذا معناه أن هناك إعدادا يتم في الإسكندرية لاستقبال الفرقة وتجهيز مسرح لتقدم عليه عروضها المسرحية.
أديب إسحاق.
وأخيرا تحضر فرقة سليم خليل النقاش في نهاية نوفمبر 1876، لتكون أول فرقة عربية مسرحية تأتي إلى مصر بصفة عامة، وإلى الإسكندرية بصفة خاصة. وأوردت لنا خبر هذا الوصول جريدة الأهرام في 1 / 12 / 1876 قائلة تحت عنوان «الروايات العربية»: «لأمر غني عن البيان أن تشخيص الروايات يعد في الوسائل الأولى التي بها أدمجته الهيئة الاجتماعية وأحكم نظامها، وما تم عن هذا المبدأ الحسن من الفوائد الجلية يقصدنا عن الإسهاب في الشرح لتثبيت ما أوردناه، فضلا عن أن جميع البلاد المتمدنة توالي هذا العمل أتم مراعاة وتسهل السبل لإتقانه. وبناء على ذلك يسرنا أن نرى وأبناؤنا نحن العرب شبابا أقدموا إلى ساحة هذا المضمار وخاضوا في جوانبه وتعلموا جميع أبوابه وأدركوا ما أدركوا بحزم اقترن بالثبات وأحكموا ما أحكموا بجهاد قومته الفطنة فرجعوا إلينا فوارس محنكة. وكان ممن نبغ فيهم وحاز قصب السبق بينهم ذاك الفتى اللبيب والحاذق الأديب سليم أفندي نقاش، الذي تلقى هذا الفن عن عمه المرحوم الخواجا مارون النقاش المبدع هذا العلم في الأقطار السورية، ويسرنا الآن أن نعلن بأنه حضر في هذه الأثناء إلى مدينتنا الإسكندرية مع رفقته المؤلفة من رجال ونساء ليقدم للجمهور ثمرة تعبه، مؤملا أن يكون سعيه مشكورا. يوم السبت القادم الواقع في 23 الحالي الساعة 8 ونصف إفرنجية ليلا.»
11
وكان من أبرز أعضاء هذه الفرقة يوسف الخياط.
وعندما جاء سليم إلى الإسكندرية أراد ضم أديب إسحاق إلى فرقته ليساندها بجانب يوسف الخياط، فأرسل إليه، خصوصا وأن أديب إسحاق له تجارب سابقة في المسرح، لأنه عرب مسرحية «أندروماك» لراسين بناء على طلب قنصل فرنسا في الشام، كما ترجم مسرحية «شارلمان» بعد وصوله إلى الإسكندرية وانضمامه إلى الفرقة التي اكتمل شكلها بوصوله.
صفحه نامشخص