1
وهو من فروع العائلة الملوكية مع ستة من وجوه فارس وأمرائها، وباغت المغتصب في أحد قصوره ببلاد ماداي، وقتله (مارس سنة 521) هو وأخاه، فنودي به في الحال ملكا على البلاد (شكل
21-1 )، وأول عمل قام به هو تطهير المعابد والهياكل، التي كان سلفه قد دنسها ونجسها، واتخذ مهرجانا يحتفل به في كل عام تذكارا لقتل الدعي جوماته، والمجوس الذين أيدوا دعواه.
شكل 21-1:
الطابع الذي كان دارا يختم به وهو محفوظ الآن بالمتحف البريطاني. (2) السنوات الأولى لدارا
2
قد وقعت في بلاد فارس فتنتان متواليتان في أقل من سنة من الزمان؛ فلذلك تزعزعت مملكتها واضطربت أحوالها لأنها كانت شبيهة بمملكة مصر وآشور في كونها ليست إلا خليطا يتألف حيثما اتفق من عدة أقاليم وولايات يديرها حكام يكادون يكونون مستقلين، ومن جملة ممالك تعترف بسيطرتهم ومن مدائن وقبائل غير خاضعة لهم تمام الخضوع. وقد اضطرمت نار الفتنة في آن واحد في مكانين وهما سوسن
3
وكلديا حيث جاء دعي يقول إنه ابن نابوناهيد، ولقب نفسه بلقب جليل فخيم وهو بختنصر، فاضطر الفارسيون إلى مقاتلته، فأشهروا عليه الحرب العوان مرتين ثم حاصروه مدة طويلة حتى توصلوا إلى إخماد أنفاسه (سنة 521 إلى سنة 520) وقد ترتب على تأخر قمع هذه الثورة حصول ثورات أخرى.
فإن أهالي ماداي استهواهم رجل اسمه ستارتيا كان يقول إنه من سلالة كياكسار، ونادى بنفسه ملكا باسم فراورت واعترفت بسلطانه أرمينية وآشور، وقام في أثناء ذلك السجرتيون وأهل المرج مع رؤسائهم الوطنيين، وقد انشقوا على مواليهم الفارسيين وخلعوا طاعتهم، فأرسل دارا جنوده لإطفاء نار هذه الفتن المتواصلة ولكنها لم تظفر بالفوز في معمعة القتال حتى إن ولايتي هرقانية وفرطيانة انضمتا إلى الثائرين، بل إن ولاية فارس الحقيقية نفسها انحازت إلى دعوى كذاب جديد سمى نفسه بردية؛ فلما جاء دارا تغيرت الأحوال وتبدلت الأمور فدخل ماداي من مضيق كرند وانتصر نصرة عظيمة بالقرب من قرية كوندوروس، كانت هي الحاسمة لكل هذه المشاغب (يونيو سنة 520) فهرب فراورت الكذاب إلى الشمال ولكن قبض عليه بالقرب من رغا، ثم سيق إلى أكباتانة (همذان) فلاقى فيها العذاب الأليم الفظيع؛ إذ جدع أنفه، وصلمت أذناه، وقطع لسانه وفقئت عيناه ثم ربط بسلسلة متصلة بباب القصر الملوكي، ثم وضع على الخازوق حتى اكتفى العامة والرعاع من رؤية ما ألم به من الإحن والمحن، وأمر الملك بوضع بعض شيعته على الخوازيق وقطع رءوس الآخرين.
صفحه نامشخص