2
جعلهم أمة واحدة؛ فجمع هذه الأمارات المتعددة في مملكة متحدة، وأنه بنى مدينة أكباتانة (همذان) ونظم جيشا ليعتمد عليه وقت الحاجة في الداخل والخارج، ورتب العلائق التي بين الأمير والرعية. هذا وقد كان سرجون في سنة 715 هزم رجلا اسمه دايوكو، وأخذه أسيرا، وربما كان هو المشار إليه في الرواية التي سردناها عن الماديين، وكان هذا الرجل ملكا صغيرا حقيرا لا شأن له بنفسه ولا جاه عظيم، ولكن ذريته هم الذين أسسوا تلك المملكة المادية الفخيمة إذ بعده بثلاثين سنة؛ أعني في سنة 677 كانت ماداى عبارة عن معاهدة دولية لها رئيس واحد اسمه ماميتيارشو، وكانت هذه المعاهدة من المنعة بحيث تيسر لها مقاومة آشور أخي الدين، ثم تأيدت سطوة الأمة الحديثة في السنين التي أعقبت ذلك فبينما كان آشوربانيبال يفني جنود آشور في محاربته مع عيلام كان ملك؛ تسميه الرواية فراورت (655-625) يتمم إخضاع جميع الأمم المتوطنة فيما بين حوض دجلة والبحر القزويني؛ حتى أدخلها كلها تحت سلطانه، فلما مات آشوربانيبال في سنة 625 ظن فراورت أنه قد جاء الوقت المناسب لشن الغارة على آشور، فنزل في سهول دجلة ولكن آشور تيليلاني هزم جنوده، وقد مات فراورت في المعركة فجمع ابنه كياكسار (سنة 625 إلى سنة 584) ما تشتت من جيشه بشق الأنفس وصعد بهم إلى هضبة إيران ناويا تجهيز ما يلزم لحملة جديدة.
وكياكسار هو في الحقيقة الذي أسس مملكة الماديين العظيمة، وقد اعتبر بما وقع لأبيه؛ فرتب جنوده على نمط الجيوش الآشورية المنتظمة، ففصل حاملي الحراب والرماة والخيالة كل فريق عن الآخر، وقد كانوا يقاتلون قبل ذلك مختلطين ببعضهم فلما أتم تنظيم الجيش عاود مقاتلة آشور، وإذا بالسكيثيين قد داهموه وكبسوا بلاده، فأوقفوا تنفيذ مشروعاته والاجتهاد في تحصيل أطماعه. (3) وصف آسيا الصغرى والكلام على مملكة ليديا
كانت قبائل بربرية وعشائر متوحشة لا ينقطع من بينها القتال ولا تهدأ لهم حركة تسكن فدافد آشور، ضاربين إلى الشمال الأقصى فيما وراء أنهار أرمينية وقلل القففاسية
3
وفي منتصف القرن الثامن جاءت أمم من آسيا الشمالية فطردت أقوام الجمري المعروفين عند اليونان بالكيماريين، وألجأتهم إلى اجتياز نهر الطونة وجبال البلقان، فقابلوا في طريقهم قبائل من بلاد ثراقية وهم المعروفون بالترير والأيدون، ثم انتهوا إلى آسيا.
وآسيا الصغرى هي هضبة متماسكة تحدها الجبال من جميع الجهات وتخترقها أيضا، فكأنها كما قيل «إيران صغرى قائمة بين بحار ثلاثة» وهي بحر إيجي (الأرخبيل)، وبحر الروم، وبحر البنطش، وفي ساحل بحر إيجي كثير من الوديان والأغوار العريضة ترويها الأنهار الجارية بلا انقطاع، فتزحزح مياه البحر عن شطوطه بما تلقيه عليها من الطمي والرواسب؛ فتزيد مساحة الأراضي، وهي أنهار كايكوس
4
وهرموس
5
صفحه نامشخص