ولاية عبيدة بن عبد الرحمن السلمى (1)
وهو أخو الأعور السلمى صاحب خيل معاوية- (رحمه الله)- بصفين، فقدمها فى سنة عشر ومائة. فحكى موسى بن أشعث قال: «خرجت من منزلى إلى الرملة، وكانت سكة للبريد، فبينا أنا متوجه نحو القيروان إذا أنا بركب ثمانية على دواب البريد، فتصديت للقائهم، فإذا قوم سراة، أجد عرف المسك كلما ضربت الريح إلى منهم، فسلم أحدهم وهو من أحسنهم هيئة وملبسا ومركبا، فرددت (عليه السلام)، وقال: «سر هاهنا»، فملت إليه آخذ معهم نحو القيروان، فسألنى عن بعض حديث الناس والبلد، سؤال من لا يعرف البلد. فقلت: «إذا توالت الغيوث فالواحد مائة» قال: «ينبغى أن يكون فحصا مسناتا، يعطى عاما فى أعوام» قلت: «أجل! وقد سألتنى فأخبرتك، وأنا أحب- أصلحك الله- أن أعرف من أنت، فإنى أرى شارة» قال: «أنا أميرك عبيدة بن عبد الرحمن»، فما زلت أساقطه الحديث، مرة أنشىء ومرة أجيب، حتى جئنا مدينة القيروان، فمال إلى دار الإمارة وذلك يوم الجمعة فألفى العباس بن ناصعة الكلبى قد تهيأ لشهود الجمعة، ولبس ثيابه، فقيل له: «هذا عبيدة قد قدم أميرا» فقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله، هكذا تقوم الساعة بغتة!» فألقى بنفسه، فما حملته رجلاه ودخل عبيدة بن عبد الرحمن يجمع الناس، وأخذ عمال بشر فحبسهم وأرغمهم وتحامل عليهم، وعذب بعضهم وكان فيهم أبو الخطار بن ضرار الكلبى وكان قائدا جليلا ورئيسا شريفا فى قومه، مع فصاحة وبيان، وقول حسن الشعر، وولى فى إفريقية ولايات كثيرة فى إمارة بشر ابن صفوان، وولى بعد ذلك إمارة الأندلس، فقال:
أفادت بنو مروان قيسا دماءنا
وفى الله إن لم يعدلوا حكم عدل
وقيناكم حر القنا بصدورنا
وليس لكم خيل سوانا ولا رجل
صفحه ۶۴