وقد أورد كل من ابن عساكر وياقوت نماذج من شعر من ابن القلانسي، لكنهما وإن ذكرا تاريخ وفاته لم يحددا تاريخ مولده أو سنّه حين الوفاة، وقد تولى الذهبي ذلك فبين أنه جاوز الثمانين أثناء وفاته وكان دون التسعين، وعن الذهبي نقل كل من أبي المحاسن في النجوم الزاهرة واليافعي في مرآة الجنان.
وجرت العادة لدى كثير من الأوائل الإشارة إلى أنفسهم في مصنفاتهم، حيث يمكن في أيامنا استخراج المعلومات من هذه الإشارات، وفيما يختص بابن القلانسي لم يشر إلى نفسه قط في مصنفه أو تحدث عن دور من أدواره سيما وأنه كان من كبار رجالات الدولة في دمشق، نعم هناك إشارات غير مباشرة إلى بعض مواقفه السياسية وتذوقه للأدب، فهو قد ضمن كتابه عدة قصائد من نظمه، كما أثبت بعض نصوص الوثائق الديوانية الواردة إلى دمشق لإعجابه بصياغتها.
ولئن انعدمت إشاراته لنفسه فهناك بعض الإشارات لأفراد من أسرته، من ذلك أنه ذكر في حوادث سنة ٥٣٩: "وفي يوم السبت الثالث عشر من رجب من السنة، توفي الأخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أسد بن علي بن محمد التميمي عن أربع وثمانين سنة، بعلة الذرب، ودفن بتربة اقترحها خارج باب الصغير من دمشق، وكان على الطريقة المرضية من حسن الأمانة والتصون والديانة، ولزوم داره، والتنزه عن كل ما يوتغ الدين، ويكره بين خيار المسلمين، غير مكاثر للناس، ولا معاشر لهم، ولا متخلط بهم".
وعلى أهمية هذه الإشارة كم كنا نتمنى لو أنه ذكر الفارق بالسن بينه وبين أخيه.
ومن ثنايا مواد ابن القلانسي نرى بأن أسرته كانت من كبار أسر دمشق، وأعظمها مكانة، فهو قد تحدث في وقائع سنة ٥٤٨ هـ عن الاضطرابات في دمشق، وبين أن هذه الاضطرابات انتهت حينما "ردّ -سلطان دمشق- أمر الرئاسة [رئاسة دمشق] والنظر في البلد ... إلى الرئيس رضي الدين
المقدمة / 14