وألجأ ملك الأبخاز بقراط بن كيوركي إلى طلب هدنته، وعرض ابنته. فتزوج بها وهادنه، وقبل بذله وأمنه. ثم طلق الملكة الكرجية وزوجها لنظام الملك وزيره، وسار وفتح بلد آني، وعنت له البلاد، وأذعنت العباد، وسرى البأس وسر الناس.
ذكر وصول شرف الملك أبي سعد محمد ابن منصور بن محمد مستوفي المملكة إلى بغداد
قال: وكان وصوله إلى بغداد في صفر سنة 459 ه، وقد كان جليل النسب، جلي الحسب. وما تولى للسلجقية مثله كرما وخيرا، وفضلا كثيرا، وغنى وغناء، وسنا وسناء. قال عماد الدين-رحمه الله-: وكان جدي لأمي أمين الدين علي المستوفي -رحمه الله-كاتبا له في ريعان عمره، وعنفوان أمره. إلى أن صار بعد كاتبا لخزانة السلطان محمد بن ملكشاه. وكان يحدثني في صغري وهو شيخ كبير عن شرف الملك بكل ما يدل على سيادة نفسه، ونفاسة سؤدده. وذكر أنه كان مع فضله ذا تفضل، ومع إجماله ذا تجمل.
وحكى أنه كانت له ثلثمائة وستون كسوة مكملة. مفضلة معزلة على عدد أيام السنة، من الملابس الفاخرة، فيلبس كل يوم ما يناسبه من أيام الفصول الأربعة. فإذا خلع منها أو وهب، أعاد خازنه إلى الخزانة عوض ما ذهب.
فلما وصل إلى بغداد، حضر بيت النوبة في ثاني عشر صفر، فبشر بإقباله سفيرا وجه القبول، وسفر وخدم الخليفة بمصحف جليل، وقطعة بلخش في منديل. وأوصل كتاب السلطان في خريطة سوداء، وسر الأوداء، وساء الأعداء.
قال: ووجد نواب نظام الملك الوزير قد شرعوا في بناء المدرسة، فاغتنم إقداره على الاقتداء، وبنى على ضريح أبي حنيفة-رحمه الله-بباب الطاق مشهدا ومدرسة لأصحابه، وأعلم بمعلمها ثوب ثوابه. قال: وكتب الشريف أبو جعفر البياضي على القبة:
ألم تر هذا العلم كان مشتتا فجمعه هذا المغيب في اللحد
صفحه ۲۰۲