ذكر سيرة طغرلبك-رحمه الله-
قال: كان كريما حليما محافظا على الطاعة، وصلاة الجماعة، وصوم الاثنين والخميس. وكان يلبس الواذاري والبياض، وأشبهت أيامه بمحاسن سيرة الرياض.
وكان لا يرى القتل ولا يسفك دما، ولا يهتك محرما. وكان شديد الاحتمال، سديد الأفعال. حكى عنه أقضى القضاة الماوردي أنه توجه في رسالة القائم إليه في سنة 433 ه، فكتب فيه كتابا «ضمنته الطعن عليه والقدح فيه، وغمط محاسنه وبسط مساويه. ووقع الكتاب من غلامي فحل إليه، فوقف عليه، ثم ختمه وكتمه، ولم يتغير عن عادة إكرامي وشيمة احترامي» قال: وكذلك ذكر أن بعض خواصه كتب ملطفات إلى أبي كاليجار، يطلعه فيها على بعض الأسرار. فوقعت في يده فأخفاها، وداوى هفوته بحلمه وشفاها. وكان كثير الصدقات حريصا على بناء المساجد، متعبدا متهجدا. ويقول: أستحي من الله أن أبني دارا ولا ابني بجنبها مسجدا.
قال: وحكى عميد الملك، أنه لما مرض قال: إنما مثلي في مرضي مثل شاة تشد قوائمها لجز الصوف. فتظن أنها تذبح فتضطرب، حتى إذ أطلقت تفرح، ثم تشد قوائمها للذبح، فتظن أنها لجز الصوف. وتسكن فتذبح. وهذا المرض شد القوائم للذبح، وكان كما قال. قال: وتوفي وعمره سبعون. قال: وحكى عميد الملك أن طغرلبك قال له: رأيت منامي في مبتدأ أمري بخراسان كأني رفعت إلى السماء، وقيل لي: سل حاجتك تقض، فقلت: ما شيء أحب إلى من طول العمر. فقيل: عمرك سبعون. قال: قال عميد الملك: وكنت سألته عن السنة التي ولد فيها، فقال: السنة التي خرج فيها الخان الفلاني بما وراء النهر. فلما، توفي حسبت المدة فكانت سبعين سنة كاملة. ولما وصل خبر وفاته إلى بغداد جلس الوزير فخر الدولة ابن جهير للعزاء به في صحن السلام في السادس والعشرين من شهر رمضان.
ذكر جلوس السلطان عضد الدولة ألب أرسلان أبي شجاع محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجق
صفحه ۱۹۹