قال-رحمه الله-: في محرم سنة 455 ه توجه السلطان إلى بغداد من أرمية بعزم الدخول على الزوجة، وخرج فخر الدولة بن جهير وتلقاه بالقفص في الموكب الأعظم والأبهة الباهرة والأهبة الزاهرة. ونزل عسكره بالجانب الغربي فزادت به الأزية1، وارتاعت الرعية، ووصل عميد الملك إلى السدة الشريفة مطالبا بالشريفة السيدة فوقعت الإجابة في نقل الجهة إلى دار المملكة، ونزلت منها في الهجرة الشرقية باليمن والبركة: وزفت في ليلة النصف من صفر وجلس على سرير ملبس بالذهب، يخطف النواظر منه أشعة الذهب. ودخل إليها وقبل الأرض وخدمها، وجلس بإزائها على سرير ملبس بالفضة، وقد كان أنفذ لها مع بنت أخيه زوجة الخليفة، عقدين نفيسين ثمينين، وجاما خسروانيا من إبريز العين، وفرجية من نسيج الذهب مكللة بالحب.
وصارت نفسه لها موكلة بالحب، وظهر منه بها سرور، وسره منها لشرفه ظهور. وبقى مدة أسبوع يهب ويخلع، ويمنح ولا يمنع، وخلع على عبيد الملك وعلى الأمراء، وأفاض التشريفات على الأكابر والعظماء. فقد كان ورد معه إلى بغداد أبو علي ابن الملك أبي كاليجار. وهزار سب. وفرامرز بن كاكويه، وسرحاب بن بدر بن مهلهل. فما منهم إلا من أفضيت عليه الخلع الرائقة، وأضيفت له العطايا اللائقة.
قال: وحضر عميد الملك في تاسع شهر ربيع الأول بيت النوبة، واستأذن للسلطان في الأوبة، وأن يستصحب السيدة والخاتون، وذكر أنهم بعد مضيهم عن قريب آتون، فأذن في ذلك الخليفة. وكانت أرسلان خاتون قد حملت من أطراح الخليفة لها غما. وأما السيدة فقد كره الخليفة مسيرها. فلما مضت أمضت بألم فراقها، وومضت لأمل رفاقها. ولما انفصل السلطان عن بغداد أذن لهزار سب في المضي إلى الأهواز، مرعيا بالإعزاز. فإنه مكث على بابه ثلاث سنين لا يؤذن له في الانفصال، ولا يؤذن إربه المفارق بالوصال. وعقد ضمان بغداد على أبي سعد القايني بثمانية وخمسين ألف دينار، فأعاد كل ما أبطله رئيس العراقيين من ضر الضرائب، وشر النوائب. وقد كان هذا يتولى مطبخ عميد الملك، وهو أستاذ داره، فجرى المقدور برفع مقداره.
ذكر وفاة السلطان طغرلبك بالري
قال: وفي يوم الجمعة ثامن شهر رمضان سنة 455 ه توفي طغرلبك بالري فاضطرب بهلكه الملك. وبلغ عميد الملك نعيه وهو على سبعين فرسخا من الري فقطعها في يومين إشفاقا من تشويش يتم، وتشوير1ينم. فوصل وهو بحاله لم يدفن ولم يقبر، فتولى دفنه، وتوخى سكون الخلق وأمنه. ومنع الغلمان من شق الثياب، وأخرج جميع ما كان يملكه على العسكر حتى الدواب. وأجلس سليمان بن داود ابن أخي السلطان.
صفحه ۱۹۸