وترجع أهمية الكتاب إلى أنه يلقى ضوءا كاشفا على ماضى بلد كان قديما جزءا من أراضى تركستان وغدا بعد الفتح الإسلامى من أهم الحواضر الإسلامية، وخرج الكثير من العلماء والمحدثين والفقهاء. وهو يقدم لنا معارف عن حاضرة السامانيين قل أن نظفر بها فى مرجع آخر، فيتحدث عن بخارى قبل الإسلام وبعد الفتح من النواحى الجغرافية والاقتصادية والتاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ويذكر من ولى قضاءها وحكامها وآثارها ومنشآتها وأخبار فتحها وانتشار الإسلام فيها، وأمراء الأسرة السامانية الذين اتخذوها حاضرة لهم إلى آخر أيامهم.
والكتاب مثل كثير من الكتب القديمة يخلط الحقائق التاريخية بالروايات الأسطورية ويروى أحاديث موضوعة عن بخارى وفضائلها.
فهو مثلا يذكر أن أول من بنى بخارى هو البطل الإيرانى سياوش بن الملك الأسطورى كيكاوس، حين ترك أباه مغاضبا ولجأ إلى أفراسياب ملك الترك. فأكرم وفادنه وزوجه من ابنته وأقطعه هذه الأرض التى تعرف اليوم ببخارى، فبنى بها مدينة، ثم انقلب أفراسياب عليه وقتله بسعى الوشاة، فألفت فى مقتله مراث ما يزال أهل بخارى إلى اليوم يرددونها.
وبخارى إقليم من خراسان يشمل عدة مدن أهمها بخارى العاصمة، ويذكر المؤلف أن الأرض التى أقيمت عليها بخارى كانت مناقع وغياضا ومروجا عامرة بحيوان الصيد، وقد تكونت من فيضانات نهر «ما صف» الذى عرف فيما بعد باسم نهر السغد. فكان هذا النهر يفيض بذوبان الثلوج فى أعالى الجبال، ويجرف جريانه الطمى يملأ به الوهاد كما يتخلف عنه الماء الذى يكون المناقع، وبعد استواء هذه الأرض قصدها الناس من كل صوب لطيب هوائها وخصبها، وعمروها وأمروا عليهم أميرا.
صفحه ۷