6
وكان الخليفة الأول
7
قد علم بالاضطرابات المتوالية التي كانت في مملكة الفرس، وكان يفكر في فتح بلادهم ومستعمراتهم، ولكنه كان مشغولا حينذاك بقتال المرتدين، فلما فرغ من حرب المرتدين، ودانت له جزيرة العرب؛ عزم على فتح العراق، وكتب في أواخر سنة 11ه الموافقة لسنة 632م إلى القائد الكبير خالد بن الوليد - وهو يومئذ باليمامة - يأمره أن يسير بجيشه إلى العراق؛ لنشر الدعوة والفتح، وأن يبدأ بثغر الهند، وهو الأبلة،
8
وأن يستنفر من قاتل أهل الردة، وأن لا يستعين بمرتد، وكتب بمثل ذلك إلى عياض بن غنم، ولكنه أمره أن يبدأ بالمضيح ويدخل العراق من أعلاه، ويسير حتى يلتقي بخالد، وكتب إلى المثنى وأصحابه - حرملة ومعذور وسلمى - يأمرهم أن يلحقوا بخالد بالأبلة، وكانوا يومئذ يغيرون على ناحية الحيرة، فسار خالد بمن معه في أوائل محرم سنة 12ه، وسار عياض بمن معه أيضا في الوقت نفسه، ثم كتب كل منهما وهما في الطريق يستمدان الخليفة، فأمد خالدا بالقعقاع بن عمرو التميمي، وأمد عياضا بعبد بن غوث الحميري. ثم التقى خالد وعياض بأرض العراق في الجهة الجنوبية منه، وكان مجموع من معهما عشرة آلاف مقاتل، ثم انضم إليهما المثنى وأصحابه، وكانوا ثمانية آلاف مقاتل، فبلغ الجيش الإسلامي ثمانية عشر ألف مقاتل.
ولما تكامل الجيش العربي جعله خالد ثلاث فرق؛ الأولى: وهي المقدمة جعل عليها المثنى بن حارثة، والثانية: جعل عليها عدي بن حاتم، والثالثة: قادها بنفسه، وسير الأولى ثم الثانية ووعدهما الحفير، ولم يحملهم على طريق واحد، ثم سار هو في طريق آخر وقرر مصادمة الفرس في الحفير. (2) وقعة الحفير
بعد أن عبأ خالد جيوشه وسيرها إلى الحفير سمع القائد هرمز أمير ميشان بقدومهم، فكتب إلى كسرى بالخبر، وطلب منه النجدة، وسار بمن معه إلى الكواظم،
9
ثم سمع أن المسلمين تواعدوا الحفير فسبقهم إليه ونزل به، فسمع خالد بهم فنزل بقربهم، وكتب إلى هرمز يقول:
صفحه نامشخص