ومما يجب الإشارة إليه، هو أنه في الوقت الذي أقيمت فيه صلاة الدعاء في الكنيسة الكاتدرائية، أقيمت صلاة دعاء أخرى في المسجد الإسلامي، بحضور صاحبي السمو أمير بخارى، وأمير خيوى، تليت فيها آيات القرآن، وفي نهايتها نهض الإمام الأكبر ولفظ خطبة طويلة، أظهر فيها إخلاص المسلمين الروسيين لملوك آل رومانوف.
وكذلك أقام الإسرائيليون في كنيسهم صلاة دعاء، حضرها نواب من جميع الشركات والدوائر الإسرائيلية.
ثم أقام وفد منغوليا صلاة دعاء أيضا في الهيكل الجديد البوذي في بطرسبرج، وقام بالاحتفال خمسة لامات أو كهنة، تحت رئاسة لاما سيبيريا الشرقية الأعظم.
أما الاحتفالات الشائقة، التي أقيمت في ذلك النهار، وما ازدانت به مدينة بطرسبرج من الأنوار، فحدث عنها ولا حرج، ومهما أجهدت يراعي فلا أستطيع وصفها، كما أن كتابي هذا لا يستوعبها، وبالإجمال فإن الأمة الروسية عيدت عيدا عظيما، أعربت فيه عن شعورها وإخلاصها لأسرة آل رومانوف الكريمة، التي نقلتها من ظلمة الجهل والمظالم إلى نور العلم والمدنية والعدالة.
ثم إن جلالته لم يدع هذا المهرجان السعيد والعيد المجيد يمضي بدون أن يمنح رعاياه منحا عظيمة، حتى تتم أفراحهم وتتوفر سعادتهم، فأمر جلالته بتوزيع مبالغ وافرة من الصدقات، وأصدر عفوه عن ألوف المسجونين، ومنح أمته منحا عديدة تضمنها المنشور القيصري، ثم مثل بين يدي جلالته في ذلك النهار عند الساعة الثالثة بعد الظهر أعضاء المجمع المقدس، ورئيس الوزارة والوزراء والأعيان، وأعضاء مجلس الدوما، وفي الساعة العاشرة من اليوم التالي حظي بتقديم التهاني لجلالته الأشراف ومندوبو البلاد، وعند الساعة الخامسة بعد الظهر، حضر جميع السفراء ومندوبو الممالك. وفي ذلك المساء ازدحمت الأوبرا القيصرية بجمهور غفير من الأجانب وغيرهم، وفي 23 فبراير مثل بين يدي جلالته مندوبو الفلاحين من جميع القرى، وقد أقيمت لهم مأدبة فاخرة، وفي 25 منه أقيمت مأدبة عظمى في القصر الشتوي لعظماء وكبار موظفي الإمبراطورية ترأسها جلالة القيصر.
ويقدرون النفقات التي أنفقتها الحكومة على هذه الاحتفالات، بنحو خمسين مليون روبل.
وقررت مجالس البلديات في جميع أنحاء روسيا إقامة تماثيل للأسرة المالكة، وملوكها السابقين. وعندما عزمت الحكومة الروسية على الاحتفال بهذا اليوبيل العظيم، أرسلت دعوة إلى جميع ملوك العالم، ودعت أيضا بطاركة الأورثوذكس، فأرسل غبطة البطريرك المسكوني مندوبا عنه الأرشمندريت يعقوب، وأرسل غبطة البطريرك الأورشليمي هدية نفيسة إلى جلالة القيصر.
وأما غبطة البطريرك الأنطاكي غريغوريوس حداد، فإنه لبى الدعوة، وسافر بنفسه إلى روسيا، وسافر برفقة نيافة المطران إسكندر طحان مطران طرابلس الشام، وقد لقي غبطته من إكرام الوفادة والحفاوة ما أنطق لسانه بالدعاء والشكران. وبعد نهاية الاحتفالات التي أقيمت في بطرسبرج، طاف جلالة القيصر بعض عواصم الولايات لزيارة رعاياه المخلصين الذين أقاموا الاحتفالات الباهرة وتمتعوا برؤية طلعة جلالة قيصرهم المحبوب، والله أسأل أن يديم جلالته ويطيل عمره ويشد أزره ويصونه، مع أصحاب السمو الأنجال الكرام، وجميع الأسرة القيصرية ما تعاقب الملوان وأشرق الفرقدان.
بيت رومانوف
غبطة البطريرك الأنطاكي
صفحه نامشخص