ويتسلسل تاريخنا الإسلامي وتظهر لنا صورة رائعة من صور العدالة والحرية، قادها محرر الأمة الإسلامية، وقائد المستضعفين، إمام الإئمة (( زيد بن علي عليه السلام )).
ولكن هذه الحركة التصحيحية التي أيقظت الأمة من سباتها معنى العدالة والحرية، وحطمت القيود والأغلال التي صنعها بنو أمية، نحن نجد أنه لم يتحدث عنها كما يجب ولم تدرس أهدافها النبيلة، ونتائجها العظيمة
ومثل أخير نضربه عن تلك المرحلة المتقدمة:
فنحن نعرف أن الذين انخدعوا بشعارات معاوية رأوا بأم أعينهم أن ذلك لم يكن إلا ستارا زائفا، وأن الملك والخروج على مبادئ الحق والعدالة هو المقصود.
ونعرف أيضا أن جريرة العدل حاقت بكل من خرج على إمام الحق وانتهك حرمة أهل البيت (ع) والمؤمنين من بعده.
وحتى أولئك الذين توقفوا عن نصرة الإمام علي عليه السلام كسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عمر، مثلا.
فقد بقي سعد على قيد الحياة حتى تلقى ضروبا من المهانة والذلة من معاوية.
وعبدالله بن عمر أجبر على أن يبايع يزيد بأنه عبد له يتصرف فيه كما يريد وفي شيخوخته أراد الحجاج قتله، ثم دس له السم.
وكان ابن عمر يردد ويقول: (( ليتني قاتلت الفئة الباغية مع علي (ع) )).
وتابعت جريرة العدل كل مرتكبي جريمة كربلاء فمات يزيد أسوأ موته وسلط الله على البقية كفوا كريما هو (المختار بن عبيد الثقفي) فلم يدع أحدا شارك في قتل الحسين (ع) إلا قتله.
وما زالت الجرائر تتلاحق حتى تقوض من وطأتها ملك بني أمية، وخرج لهم السفاح الأكبر وأعوانه في دولة بني العباس، فعموا بنقمتهم الأحياء والأموات ونبشوا القبور، وهدموا الدور.
(( وما من عبرة أولى من هذه بالتبيين والجلاء لدارس التاريخ، ودارس الحياة، وطالب المعنى البعيد في أطوار هذا الوجود (1) )).
صفحه ۱۷