فمند ذلك صدق مولانا السلطان كلامه ، وبلكغ السردار من الإكرام مرامه، وأرسل إليه من خواصه المقربين رجلا يقال له قيطاس كدخدا، وأرسل معه من جانب السلطنة تجملات واستعمالات ورسالة بخط يد السلطان وهذا من أعظم أنواع الإكرام، في اصطلاح بني عثان، وها هو الآن منتظر خروج الثلج وما يتبع من البرد والطين) ويهجم على اليازجي بالعساكر المنصورة. والاعلام المنشورة، والعساكر محيطة بالخارجي من جميع جوانبه، إحاطة السوار بالعصم، والجيش بالمغم، ولعله لا يفلت منهم أبدأ بعون الله تعالى هذا.
ولقد كان شيخنا المرحوم العماد الحنفي السمرقندي البايسوني الآتي ذكره في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ملازما للوزير حسن باشا صاحب الترجمة وقدم معه الى دمشق عند قدومه في المرة الثانية والثالثة. ولما اتصل الفقير بالمولى عماد الدين (134 ب) المذكور لزم التعرف بالوزير المذكور فتعرفنا به، ورأينا إحسانه ولقد كنت عند العماد الذكور في حجرته بدار الإمارة بدمشق ليلا، وكان في صحبتنا الحسين الحافظ والحسين المذهب الشيرازي الآتي ذكرهما إن شاء الله تعالى . فورد الرسول، من جانب الوزير المذكور ليلا للهولى العماد بأنه يحضر الى مجلسه فاعتذر بوجودنا عنده فرجع الرسول اليه بأن يحضر مع الأصحاب كلتهم فقام وقمنا معه إلى جلس لا يكون الأ لكبار السلاطين . رأينا به بعض أكابر الدولة ، ورأينا شموعا كان كل واحدة منها رمح في رأسه سنان، ورأينا خدما كأن كل واحد منهم بدر كامل من غير نقصان ، ورأيناه جالسا في صدر مجلسه منفردا في فرشة عالية، فوق مكان قد ارتفع بالدفوف ورأينا في الموضع ماليك حسانا، يضربون بآلات الطرب : منهم جنكي، ومنهم عودي ومنهم من يضرب بالقصب، ومنهم
============================================================
واحد يضرب على زبادي الصين ضربا موافقا لحركات بقية الآلات، ولم تر في مجلسه من الآواني إلا الذهب والفضة الى أن جاءت الأشربة السكترية في أواني الذهب والفضة، وجاؤا بصينية من الذهب كبيرة أخبرني من أثق به أنتها من عشرة آلاف دينار ذهبا ووضعوها في وسط الجلس أمامه فأكل من الحلويتات، وشرب من المشروبات، ولم يتقدم أحد من الجماعة ليأكل معه ، وإنما هو كان يرسل من الأشربة للجالسين فيتناولون من غير قيام أحد من مجلسه . ولما انقضى مجلس المشروبات السكريثه جاء رجل شيخ أسمر اللون ، أبيض اللحية يقال له ملأصوتي، ووضعوا له كرسيتا صفيرا جلس فوقه، وفي يده كتاب من نظم الفرس يتعليق باحوال السلاطين الماضية ويذكر قصصهم وما يتعلق بوقائعهم . فكان يقرأ النظم المذكور بصوت حسن، ويفسر معناه بالتركية . ولعري إن هذا الرجل من محاسن الدنيا . ولما أتم الرجل المذكور قراءته قام، ورفعوا الكرمي. فكان كثل أحد يقوم ويسلم ويخرج من المجلس وقام المولى العماد وقمنا معه بعد مصاحبة يسيرة صدرت مع الوزير المذكور . فإنه سأل الفقير عن حاله، واستفسر عن مجمل أحواله، وأحسن (135 2) إلينا في اليوم الثاني على يد العماد باحسان وافر.
ولما صار مردار العساكر لحرب الخارجي اليازجي كما شرحناه أردت أن أكتب له مكتوبا ، ثم عدلت وقلت لعله نسيني ، فإن متعلقاته كثيرة، وأحواله تنسي الرجل نفسه، لاشتغاله بأحوال العساكر المنصورة فكان على خلاف ما ظننت ، فإنه أرسل لي مكتوبا مع المسكر الشامي عند رجوعه إلى دمشق، وذكر في المكتوب المذكور باجتماعنا به في دمشق، وطلب الدعاء منا ومن المجاورين بدمشق من العلماء والصلحاء
============================================================
وكتب في موضع الامم: الفقير حسن مر عسكر، ومر عسكر معناه رأس العساكر . وها هو الآن مقيم في مقابلة الموضع الذي استقر به اليازجي) وعازم على آن يصدمه بالعساكر المظفرة في ابتداء الربيع: أسال الله تعالى أن يؤيده وينصره ) وينجده ويظفره بعونه وعنايته، ولطفه وحمايته، إنه اكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين) والحمد رب العالمين.
ثم إفه قد ثبت عندنا بدمشق آن حسن باشا المذكور صاحب هذه الترجمة قتيل في قلعة توقات بضرب البنادق في أوائل سنة إحدى عشرة بعد الألف . واختلفوا في قاتله فقيل إن السلطان أرسل إليه من قتله فما تيسر إلا بالبندق ، وقيل إن حسن بك أخا اليازجي رصده وقتله بها والله تعالى أعلم.
(11)4
============================================================
صفحه نامشخص