تنزيه الأنبياء
تنزيه الأنبياء
يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين وعلى مذهبهم الفاسد كل واحد منهما خاطئ فيجب أن يستغفر فلم اختصت بالاستغفار دونه وقوله تعالى حاكيا عنه رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن والاستجابة تؤذن ببراءته من كل سوء وتنبئ أنه لو فعل ما ذكروه لكان قد صبا ولم يصرف عنه كيدهن وقوله تعالى قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء والعزم على المعصية من أكبر السوء وقوله تعالى حاكيا عن الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ولا يقال ذلك فيمن فعل ما ادعوه عليه فإن قيل فأي معنى لقول يوسف (ع) وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي قلنا إنما أراد الدعاء والمنازعة والشهوة ولم يرد العزم على المعصية وهو لا يبرئ نفسه مما لا يعرى منه طباع البشر وفي ذلك جواب آخر اعتمده أبو علي الجبائي واختاره وإن كان قد سبق إليه جماعة من أهل التأويل وذكروه وهو أن هذا الكلام الذي هو ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إنما هو من المرأة لا من كلام يوسف (ع) واستشهدوا على صحة هذا التأويل بأنه منسوق على الكلام المحكي عن المرأة بلا شك ألا ترى أنه تعالى قال قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء فنسق الكلام على كلام المرأة وعلى هذا التأويل يكون التبري من الخيانة الذي هو ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب من كلام المرأة لا من كلام يوسف (ع) ويكون المكنى عنه في قولها أني لم أخنه بالغيب هو يوسف (ع) دون زوجها لأن زوجها قد خانته في الحقيقة بالغيب وإنما أرادت لم أخن يوسف (ع) وهو غائب في
صفحه ۵۱