تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

ابوالحسن علی بن احمد سبتی d. 614 AH
11

تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

وقد صرح المؤلف بعبارات دالة ، وإن كانت في نظر القارئ اليوم شديدة قاسية ، فقال في ذكر أولئك الوعاظ والقصاصين وأشباه المؤرخين : «وغرض هؤلاء الفسقة في سرد تلك الحكايات المورطة قائلها وناقلها في سخط الله تعالى أن يهونوا الفسوق والمعاصي على بله العوام ويتسللوا إلى الفجور بالنساء ، بذكرها ، حتى ترى المرأة تخرج من مجلس الواعظ إلى منزله فتسأله عن التفصيل فيزيدها أقبح مما أسمعها في الجمهور ، يقول لها : هذا أمر ما سلم منه عظماء المرسلين فكيف نحن؟ فلا يزال يهون عليها ما كان يصعب من قبل!!».

ولم يصرح ابن خمير باسم واحد من هؤلاء القصاصين ، وأشباه الخطباء ، وضعفاء حفظة الأخبار والتواريخ المتهاونين ، لكن المؤلف رحمه الله كان يشير إلى أسماء بأعيانها ، وإلى ظاهرة كانت متفشية من هؤلاء ، ونقرأ في (صلة الصلة) لابن الزبير في ترجمة ابن المحلي السبتي (1)، والمؤلف معاصر لهذين العلمين ، إن ابن المحلي هذا «كان يعظ الناس بمسجد مقبرة زقلو من سبتة. قال : حضرت بعض مجالسه وكلامه في التفسير على المنبر بالمسجد المذكور ، وكان فصيحا ، لسنا ، مفوها ، نبيل الأغراض في وعظه وتحليقه ، حسن التناول ، لا يشارك وعاظ الوقت في شيء من محدثات مرتكباتهم ، إنما يذكر الآية وتفسيرها تفسيرا مستوفى ، وينيط بذلك ما يلائم الحال والمقال من حكايات الصالحين ، وإشارتهم على أحسن نهج وأبدع نسج ، يأخذ من مجالسه الطالب بحظه ، والعامي بنافع الترغيب والترهيب من مقصود وعظه ..».

وهكذا ميز ابن الزبير ، وهو من هو علما وفضلا في زمانه ؛ بين الوعظ ، والقصص ، والتفسير المنهجي السليم ، وبين التزيدات والخزعبلات والأضاليل التي كان يوردها أولئك الذين هاجمهم ابن خمير السبتي في كتابه هذا (تنزيه الأنبياء) أو هاجم أمثالهم.

صفحه ۱۵