تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
ناشر
دار الكتب العلمية
محل انتشار
لبنان
﴿فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا﴾ يعطوهما الطَّعَام ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا﴾ حَائِطا مائلًا ﴿يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ﴾ أَن يسْقط ﴿فَأَقَامَهُ﴾ فسواه الْخضر ﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿لَوْ شِئْتَ﴾ يَا خضر ﴿لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ جعلا خبْزًا نأكله
﴿قَالَ﴾ الْخضر ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ يَا مُوسَى ﴿سَأُنَبِّئُكَ﴾ أخْبرك ﴿بِتَأْوِيلِ﴾ بتفسير ﴿مَا لَمْ تستطع عَلَيْهِ صبرا﴾ مالم تصبر عَلَيْهِ
﴿أَمَّا السَّفِينَة﴾ الَّتِي ثقبتها ﴿فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْر﴾ فيعبرون بِالنَّاسِ ﴿فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ أشينها ﴿وَكَانَ وَرَآءَهُم﴾ قدامهم ﴿مَّلِكٌ﴾ يُقَال لَهُ جلندى ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ فَلذَلِك ثقبتها
﴿وَأَمَّا الْغُلَام﴾ الَّذِي قتلته ﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ من عُظَمَاء تِلْكَ الْقرْيَة ﴿فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا﴾ فَعلم رَبك أَن يكلفهما ﴿طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ بطغيانه وكفره ومعصيته بِالْحلف الْكَاذِب فَقتلته
﴿فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا﴾ ولدا ﴿خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً﴾ صَالحا ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ أوصل رحما فرزق الله لَهما جَارِيَة فَتزَوج بهَا نَبِي من الْأَنْبِيَاء فَولدت نَبيا من الْأَنْبِيَاء فهدى الله على يَدَيْهِ أمة من النَّاس وَكَانَ الْغُلَام رجلا كَافِرًا لصًا قتالًا فَمن ذَلِك قَتله الْخضر وَكَانَ اسْمه جيسور
﴿وَأَمَّا الْجِدَار﴾ الَّذِي سويته ﴿فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ﴾ وَكَانَ اسمهما أَصْرَم وصريم ﴿فِي الْمَدِينَة﴾ فِي مَدِينَة أنطاكية ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا﴾ لوح من الذَّهَب فِيهِ علم وَحِكْمَة مَكْتُوب فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبت لمن يُوقن بِالْمَوْتِ كَيفَ يفرح وَعَجِبت لمن يُوقن بِالْقدرِ كَيفَ يحزن وَعَجِبت لمن يُوقن بِزَوَال الدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله ﷺ ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ ذُو أَمَانَة يُقَال لَهُ كاشح ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا﴾ أَن يحتلما ﴿وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا﴾ يَعْنِي اللَّوْح ﴿رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ نعْمَة لَهما من رَبك وَيُقَال وَحيا من رَبك فعلته ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ من قبل نَفسِي ﴿ذَلِك تَأْوِيلُ﴾ تَفْسِير ﴿مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا﴾ مالم تصبر عَلَيْهِ
﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾ يَا مُحَمَّد أهل مَكَّة ﴿عَن ذِي القرنين﴾ عَن خبر ذِي القرنين ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿سأتلو عَلَيْكُم﴾ سأقرأ عَلَيْكُم مِّنْهُ من خَبره ﴿ذِكْرًا﴾ بَيَانا
﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ﴾ مكناه ﴿فِي الأَرْض وَآتَيْنَاهُ﴾ أعطيناه ﴿مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ معرفَة الطَّرِيق والمنازل
﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ فَأخذ طَرِيقا
﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْس﴾ حَيْثُ تغرب ﴿وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ حارة وَيُقَال طِينَة سَوْدَاء مُنْتِنَة إِن قَرَأت بِغَيْر الْألف ﴿وَوجد عِنْدهَا قوما﴾ كفَّارًا ﴿قُلْنَا يَا ذَا القرنين﴾ ألهمناه ﴿إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ﴾ تقتل حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ﴿وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ مَعْرُوفا تَعْفُو عَنْهُم وتتركهم
﴿قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ﴾ كفر بِاللَّه ﴿فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ ﴿ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿فَيُعَذِّبُهُ﴾ بالنَّار ﴿عَذَابًا نُّكْرًا﴾ شَدِيدا
1 / 251