فإن قلت أفلا يمكن أن يكون قد كذب عليه وأراد رجلا غير نبي ؟ ، فالجواب إذا لم يعين المصدق الذي عينه المخبر فلا يضره التصديق ؛ لأنه صحيح أن الله أرسل نبيا إن كان الذي يقوله ذلك المخبر صحيح بالتصديق يتوجه إليه [وإن كان غير صحيح فالتصديق يتوجه] (¬1) إلى المرسول لتلك الأمة ، فاعرف هذا الفصل الذي أوردناه في هذا الجزء فصلا قائما بنفسه في إمكان معرفة المحقة ومعرفة الحق من جميع دين الله تعالى بطريقة سهلة قريبة موجزة ، وإن كان تصح معرفة بغير هذا الوجه ، ولكن هذا الوجه طريق قريبة الوصول ، واضحة الانكشاف .
فإن قيل أليس مما يمكن أن يكون شيء من الدين مما جاءت به السنة روايتها الصحيحة مع غير أهل الفرقة المحقة ، وأهل الفرقة التي لم ير في اعتقاداتها من الأحرف الأربعة باطلا ولكن في الحرفين هي على خلاف الحق في تلك الرواية التي لا تقوم الحجة بمعرفتها وصحتها إلا بالسماع [34/ب]ويكون الحق متفرقا .
قلنا [29/ج] قد مر[17/أ] بيان ذلك أن أهل الضلال لا يكونون حجة في رفع الروايات، ولو كان الحق معهم في تلك الرواية ، وخلاف الحق في ذلك معهم باطل في الأربعة الأحرف ، ولا في براءة من ولي ، ولا في حكم التنزيل بغير سنة صحيحة تنسخه ، وما عند الفرقة المحقة يجوز العمل به على غير الدينونة به ما لم تقم عليه الحجة بمعرفة الحق بمن تقوم به الحجة بالسماع منه .
ومن أين تقوم الحجة بالسماع من غيرهم إذا كان ما سواهم كلهم فرق ضلال ، وإذا كانت الفرقة المحقة هي الجائز العمل برفايعها ويبقى دين الله بما هي تمسكت فيأبى (¬2) الله أن يتركها دائما على غير الدين الحق ، فيكون الخلاف لدين الله هو الحجة في لزوم العمل به على دين الله الذي هو الحق .
¬__________
(¬1) سقط في أ.
(¬2) في ب ويأبى.
صفحه ۶۳