ومنه المناسبة؛ لأن بين الميزان واللسان مناسبة؛ لأن الميزان لها لسان يعرف به الراجح من غيره، كما أن لسان الإنسان يعرب عن الحق والباطل، وفيه المناسبة الأخرى التي هي رأس الفصاحة، وهي مناسبة الألفاظ وموازنتها، والموازنة والمناسبة والموالفة بمعنى واحد، وكله من حسن النظم، ومناسبة ألفاظه، وهذا الحديث موازن الألفاظ، مماثل الفقر، مناسب السجع، لا تنافي فيه ولا تنافر.
ومنه تشابه الأطراف، ويسمى إيهام التناسب، وهو: أن يختم الكلام بما يناسب ابتداءه في المعنى نحو قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.
وقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: ((العظيم)) لا يخفى مناسبته لابتدائه الذي هو سبحان الله، فإن المنزه عن كل سوء المبرأ عن كل نقص هو العظيم.
ومنه التكرار: فقوله صلى الله عليه وسلم : ((سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) من التكرار الحسن، والعطف الفائق؛ لأن التكرار في الكلام منه ما يكون معيبا، وهو إذا كان في جملة واحدة. ومع اختلاف الجمل وبعد ما بينهما ليس بعيب ومنه ما يكون محتملا لأن يكون معيبا، وأن يكون حسنا.
ومنه ما يكون حسنا معدودا في باب البلاغة، والتكرار في هذا الحديث من هذا القبيل، وهو يخرج السامع من شيء إلى شيء، فيزداد نشاطه، وتتوفر رغبته، ويسمى هذا النوع الترديد، وهو أن تعلق كلمة في البيت من النظم أو الفقرة من النثر بمعنى، ثم تردد فيه بعينها، وتعلق بمعنى آخر كقول زهير بن أبي سلمى من قصيدة مدح بها هرم بن سنان المري أولها:
إن الخليط أجد البين فانفرقا ... وعلق القلب من أسماء ما علقا
صفحه ۱۲۵