وسياق هذا الاسم الشريف، وهو الرحمن في أول الحديث، وفي آخره الاسم الأعظم ليفهم منه الذاكر به معنى الخوف والرجاء، فمعنى الرحمن يرجع إلى الإنعام والإحسان بالرحمة، ومعنى العظيم الهيبة والإجلال، فإذا استحضر ذلك لم يمنعه من رجاء الرحمة والإفضال الخوف من هيبة الله ذي العظمة والجلال، ولا تمنعه رحمة الله، وتوالي إفضاله من خوف الله وهيبته وجلاله، فيكون الذاكر به في جميع أحواله خائفا راجيا لأنه {لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، {ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}.
نعم، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((حبيبتان إلى الرحمن))، ولم يذكر غيره من أسامي الرب -عز وجل- سار على سنن أهل اللسان، وجار على صياغة أهل البلاغة، وصناعة أولي البراعة للمناسبة بين الألفاظ وموازنتها، وفي ذلك إشعار بالرحمة للذاكر بهما، لأن كل اسم من الأسماء الحسنى يذكر عند الأمر الذي مقصوده مشتق من ذلك الاسم كقوله تعالى: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا}، ونحو ذلك.
فإن قيل: فهلا قال: الرحيم والمعنى المذكور حاصل به. فجوابه أن معنى الرحمن الذي تعم رحمته المؤمن والكافر في الدنيا كما تقدم.
ولما كان في هاتين الكلمتين توحيد الله النافع للكافر لو وحد الله في الدنيا، ما لم يعاين فإذا عاين لم ينفعه توحيده، حسن أن يذكر في وصفهما الرحمن النافع للكافر في الدنيا وغير نافع له إذا وحد الله عند المعاينة.
صفحه ۱۲۳