============================================================
الشهيد شح معالم العدل والتوحيل فصل: وتنقسم الحقائق إلى مركبة ومفردة، ونعني بالمركب ما تلتئم حقيقته من عدة أامور، ولا بد في المركبة من أن تنتهي إلى حقيقة مفردة، وإلا كانت أجزاء الحقيقة بلا نهاية، فيلزم معرفة المفردة ضرورة، ثم إذا تحققت المركبة كان ثبوت كل واحد من أجزاء تلك الحقيقة أصلا في ثبوت تلك الحقيقة، وعدم كل واحد منها أصلا في عدمها، والمفردة هي التي لا جزء لها، ثم تلك الحقائق إما أن تكون كلها غنية عن الاكتساب وهو محال؛ لأن العلم بحقيقة الجسم والعرض وغيرهما غير غني عن الاكتساب، وإما أن تكونه كلها محتاجة إلى الاكتساب وهو محال أيضا؛ لافتقارها إلى موضوعات متناهية، وهو الدور. أو الى موضوعات غير متناهية وهو التسلسل، فإذا بطل هذان القسمان تعين الثالث، وهو أن بعضها غني والثاني محتاج فصل: والحقائق الغنية عن الاكتساب على نوعين: محسوس كالألم والسواد؛ لأن كل ما يذكر في تعريفها فهو أخفى بكثير منها، وقد ذهب جمع من المتكلمين إلى تعريفها، وذكروا في تعريفها أمورا هي آغمض منها. وغير محسوس كالعلم، واختلاف الناس في تعريفه ليس لخفاء حقيقته بل لبلوغه في الوضوح إلى حد لا يمكن تعريفه.
وبيانه بوجهن: أحدهما أنا نعلم وجود أنفسنا بالبديهة، ومن علم شيئا بالبديهة أمكنه أن يعلم بالبديهة كونه عالما بذلك الشيء، والعلم بكونه عالما بذلك الشيء مسبوق بالعلم بحقيقة العلم، فإذن العلم بحقيقة العلم سابق على علم البديهي، والسابق على البديهي أولى أن يكون بديهيا، فإذن العلم بحقيقة العلم بديهي: وثانيهما أن ما عدا العلم إنما تنكشف حقيقته بواسطة العلم، فما يكون كاشفا لكل ما عداه كيف لا تكون حقيقته منكشفة بنفسها.
صفحه ۳۱