285

============================================================

الهيد شح معالم العدل والتوحيل فبطل أن تكون معرفة ماهيتهما بالاكتساب، فإذا عرفت ذلك فالذي يدل على استحالة اللذة والألم على الله تعالى مسلكان: الأول ذكره صاحب المعتمد، وحاصله هو أن كونه تعالى آلما وملتذا ليس بمعلوم في ن فسه ولا طريق إليه، وما ليس بمعلوم في نفسه ولا طريق إليه وجب نفيه. أما أنه ليس بمعلوم في نفسه فهو ظاهر؛ لأنه ليس بديهيا ولا موجودا من النفس، وأما أنه لا طريق اليهما؛ فلأن الطريق إليهما لا يخلو من قسمين: إما أن يكون عقليا، أو سمعيا. وباطل أن يكون عقليا؛ لأنه لا يخلو من وجهين: إما أن يكون أمرا مؤثرا فيهما، أو أثرا عنهما.

أما الوجه الأول وهو أن يكون الطريق إليهما أمرا يؤثر فيهما، فلا يمكن إلا أحد أمرين: اما أن يقال بأن ذات القديم تعالى أثرت في كونه تعالى آلما وملتذا، وهذا باطل؛ لأنه تعالى لو كان ملتذا لذاته لكان يجب أن يكون ملجأ إلى إيجاد جميع المشتهيات إلى غير غاية، ولكان يجب تقديم خلقها قبل الوقت الذي أوجدها فيه إلى غير غاية أيضا، ولو كان آلما لذاته لكان يجب ألا يوجد شييء من المنفرات، وهذا معلوم بطلانه. وإما أن يقال إن فاعلا فعل للقديم كونه آلما وملتذا، ولا طريق إلى قديم آخر غير القديم، فبطل أن يكون الطريق إليهما أمرا يؤثر فيهما.

ال وأما الوجه الثاني وهو أن يكون الطريق إليهما أثرا لهما، فذلك الأثر لا يخلو إما أن يكون هو حكم الفعل نحو صحة الفعل وصحة الأحكام، وهذا باطل؛ لأن صحة الفعل لكونه قادرا، وصحة الأحكام أثر لكونه عالما، ولا تدل هاتان الصحتان على أكثر من ذلك.

واما أن يكون الدال عليهما نفس الصفة نحو كونه قادرا وعالما وحيا، وكل واحدة من هذه الصفات لا تدل على كونه تعالى آلما وملتذا، فبطل أن يكون الطريق إليهما أمرا عقليا.

صفحه ۲۸۵