248

============================================================

السهيد شرح معالم العدل والتوحيل وقد حكى الإسفرايني عن بعض القدماء منهم أن كلام الله تعالى متعدد إلى أمور خمسة: امر ونهي وخبر واستخبار ونداء. والمحققون منهم على خلافه، وأنه حقيقة واحدة غير متعددة، والمعنى بكونه تعالى متكلما عندهم قيام هذه الصفة وهي المتكلمية بذاته كالقادرية والعالمية.

والمعتمد في إبطال مذهبهم مسالك: الأول وعليه تعويل اكثر المتكلمين وهو أن إثبات حالة القديم تعالى بكونه متكلما لا دليل عليه، وما لا دليل عليه وجب نفيه. وإنما قلنا إنه لا دليل عليها؛ فلأن الدليل عليها إما ان يكون عقليا أو سمعيا، وباطل أن يكون سمعيا لأمرين: أما أولا فلأن السمع لا يرشد إلى إثبات هذه الصفة؛ لأنها لا تعلم إلا بالأدلة الدقيقة.

و أما ثانيا فلو ورد خطاب مشعر بالكلام كقوله تعالى: (حتى يشمع كلام الله)(1). وقوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليما)(2) فهو إنما يحمل على السابق إلى الفهم والمتعارف في حقيقة اللغة من ايجاد هذه الحروف والأصوات دون غيرها، من إثيات حالة لا تفهمونها. وأما العقل فلا بد أن يكون بينه وبين مدلوله تعلق وإلا لم يكن بأن يدل أولى من ألا يدل أو يدل على غيره، وذلك التعلق لا يخلو من وجوه ثلاثة: إما أن يكون استدلالا بالأثر على المؤثر أو بالمؤثر على الأثر أو بأن يكونا صادرين عن مؤثر واحد، وكل هذه الأقسام باطلة.

1- سورة التوبة: آية1.

2سورة النساء: آية 164.

صفحه ۲۴۸