235

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل وأما ثانيا فهب أنا سلمنا أنه لا صفة للآمر بكونه آمرا فالآمر يجب أن يكون مريدا للمأمور به؛ لأن الأمر لا ينفصل عن التهديد إلا بإرادة المأمور به، وأيضا فالأمر طلب، والطلب لا بد له من مطلوب، فيلزم أن تكون إرادة المأمور من معقول الآمر، فيجب أن يكون المأمور مرادا.

المسلك الثاني هو أن الأنبياء وسائر المؤمنين موصوفون بالطاعة لله تعالى، والمطيع هو من فعل ما أراده الغير، فيجب أن تكون الطاعات مرادة لله تعالى، وإنما قلنا إن الأنبياء وسائر المؤمنين موصوفون بالطاعة لله تعالى؛ فللاجماع وتسليم الخصم على وصفهم بالطاعة لله تعالى والانقياد لحكمه، وإنما قلنا إن المطيع هو من فعل ما أراده الغير؛ فلأمرين: أما أولا فلأن من فعل ما أراده الغير وصف بكونه مطيعا له، ومن لم يفعل مراد الغير فليس مطيعا له، فلما كان وصف كونه مطيعا داثرا مع فعل مراد الغير وجودا وعدما وجب أن يكون علة فيه.

و أما ثانيا فكونه مطيعا إما أن يكون لأنه فعل ما أمر به أو لأنه فعل مراده، والأول باطل لأن العبد يوصف بكونه مطيعا لسيده وإن لم يكن من جهته أمر بل لأنه فعل مراده، فثبت أن المطيع هو من فعل ما أراده الغير، وفي ذلك وجوب كونه تعالى مريدا لجميع الطاعات وهو المطلوب.

الطرف الثاني في أنه تعالى كاره لجميع المعاصي وساخط لها، ويدل على ذلك وجوه: الأول حجة أبي الحسين وهو أن الله تعالى لا يدعوه داع إلى الفعل القبيح فلا يكون مريدا ل له، وإنما قلنا إنه لا يدعوه داع إلى القبيح؛ فلأن الداعي في حق الله تعالى هو العلم، والعلم انما يكون داعيا إذا تعلق إما بكون الفاعل محتاجا إليه لنفع أو دفع ضرر وإما بكونه حسنا ال واحسانا، والأول في حق الله تعالى محال، والثاني لا يتصور في الفعل القبيح، فثبت أن الله

صفحه ۲۳۵