التألیف الطاهر در شیمهی پادشاه ظاهر که به دفاع از حق برخاست، ابوسعید جقمق
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
ژانرها
وقد مر أن مجاوزة الحد في الإعطاء يسمى إسرافا وتبذيرا • ومجاوزة الحد في المنع يسمى بخلا وشحا • وفصل ذلك • ولكن هذا إنما يكون إذا وضعت الأشياء في غير محلها • أو تجاوز ذلك من لا تصل يده كل وقت إلى ما يريده • فإذا وصلت يده إلى شيء أتلفه وبزره وأسرف فيه • وأما الملوك والسلاطين فمهما أجازوا ومهما انعموا فهو دون همهم وخاصة إذا وضعوا الأشياء في محلها وكانت همتهم معروفة إلى الخير والصلاح • واصطياد قلوب الأولياء • بالثبات على المحبة والولاء • وقلوب الأعداء بقلبها إلى الوفاق والوفاء • واصطناع المعروف مع العلماء والفضلاء فإذا كان كذلك فلا سرف عندهم • كان بعض الملوك والأكابر يعطي العطاء الجزيل • والجوائز الوافرة • والهبات السنية • فقال له بعض خواصه لا خير في السرف • فقال له لا سرف في الخير • انظر إلى هذا الجواب ما أحسنه وأوصنه هذا يسمى في علم البديع بالعكس • ونظيره في القرآن قوله تعالى لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن • وقال تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وقوله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل • وقال أبو تمام قصيدة فقيل له لم لا تقول ما يفهم فقال لم لا تفهمون ما يقال • وقلت في مرااة26 الأدب • يعذب قلبي إن فيه وفاكم27 • وفاؤك فيه أن قلبي يعذب • وناهيك بهذه الخصلة الشريفة موقعا العظيم مصدرها وموردها التي هي إحدى قواعد المملكة • وثمرة حدائق السلطنة • وتاج الحكومة وجمالها • بها تعنوا الوجوه • وتذل الرقاب • وتخضع الجبابرة • وتشرق الأحرار وتصطاد قلوب الأولياء والأعداء • ويحسن لها الذكر والثناء • ويملك بها القريب والبعيد • ويسود بها الخامل والغريب • وكم كافر أسلم • ومسلم ارتد • والعياذ بالله تعالى لأجل حطام الدنيا • فيا لها خصلة يترك بسببها الإنسان دينه • الذي يبذل
69ظ
نفسه دونه • وأحوج خلق الله تعالى إلى هذه الخصلة النبيلة • الملوك والسلاطين لأنهم أفقر خلق الله تعالى إلى عطف القلوب عليهم • وصرف الوجوه إليهم • وقد حكى أن بعض ملوك ما وراء النهر جهز ولده في سرية إلى بعض الجهات فكأنه كان يتعاطى في طريقه الاستراحة والترفه مع الإمساك وحب المال فأرسل إليه أبوه يقول له يا ولدي بلغني أنك تقيم في مرحلة يومين وإنك بالليل تنزع ثيابك • وتنام على فراش وثير • وتقتر على حاشيتك • وهذا لا يصلح لمن تحمل سياسة الرعية • وتقلد أمانة الحكومة • اعلم يا ولدي أن الناس على قسمين حاكم ومحكوم • وأمير ومأمور • وسلطان ورعية • أما السلطان والأمير والحاكم فلهم عن الجاه والسلطنة • والأمر • والنهي • وقهر الحاكمية • وبسط اليد في الناس • كيف ما اختاروا مع ما تحمل عليهم من تحمل المشاق والكلف • والدخول تحت أعباء الإبالة • وتعب القيام بأمور السياسة • والتصدي لمصالح الناس • وحفظ العباد والبلاد • وأما الرعية فلهم ذل المحكومية وربط جيد الانقياد • بحبل السمع والطاعة • والمسير في قيد التسليم والإذعان • مع مالهم من توسد فراش الراحة • والالتحاق بشمول الأمن • والاشتغال بأسباب الترفه تحت ظل الخمود • فاختر من أي القسمين تكون إما من قسم الملوك فيختار تحمل التعب والمشقة في حفظ ممالكك ليلا ونهارا مع عزة التحكم ورفعة التسلط • وبسط اليد واللسان • في الأموال والأبدان • وأما أن يكون من قسم الرعايا فيختار الراحة والترفه ولذة العيش مع ظل الانقياد والمحكومية وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لا ينام لا ليلا ولا نهارا فقيل له في ذلك فقال إن نمت بالنهار أضعت الرعية وان نمت في الليل أضعت نفسي • فإذا كان الأمر كذلك فيكفي الملوك والسلاطين عزة الملك وسورة الحكم وكون
70و
يدهم باسطة • وكلمتهم نافذة • في الأرواح • والأنفس • والأموال • فمهما اتفقوا على رعايا من مال فهو بالنسبة إلى ما هم فيه من عز السلطنة • وجلالة الملك • وأبهة الحكومة • وبسط اليد • ونفوذ الكلمة • في الأمر والنهي • وبلوغ الأمل من الأموال • والأرواح • وانتشار صيت الهيبة • والعزة • والحرمة • شرقا وغربا • وانقياد الأولياء • وقهر الأعداء • فهو شيء يسير حقير • والمال بالنسبة إلى عبد الملك كلا شيء • مدح أبو دلامة الخليفة فقال له اعطيك على قدر همتك أو على قدر همتي فقال على قدر همتي يا أمير المؤمنين فأمر له بخمسين ألف دينار فقيل له لم لا طلبت على قدر همة أمير المؤمنين فقال لو قلت ذلك لما وفت الدنيا بقدر همته • فإن المال يزاد أما لغرض أو عرض أو مرض • وفي أمثال الترك الدرهم الأبيض لليوم الأسود وهذا لا يخلوا عن نوع مشقة وحصول تعب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لكم ولا مرآي لكم صغره أمرهم وعليهم كدره • كان اسما بن خارجة رحمة الله عليه يقول ما أحب أن أود أحدا عن حاجة لأنه إن كان كريما أصون عرضه وإن كان لئيما أصون عنه عرضي • والعدل في الحزم أن يكون الفكر مصيبا والتأمل في عواقب الأمور على الوجه المرضي وإذا بولغ في ذلك وجاور حده سمي وسواسا وسوء ظن وإذا أهمل قطعا سمي استخفافا وعدم مبالاة • وهذا كما قيل في جواب من سأل عن الربا والإخلاص فقال العمل لأجل الناس شرك والترك لأجلهم رياء • والإخلاص أن يعافيك الله منهما • والعدل في الشجاعة أن يتبصر الإنسان مواقع القتال • ومجال النزال • والنضال • ويتأمل كيفية الدخول في الحروب • والخروج منها • فإن كان للقتال مجال أخذ في أسبابه وإلا انتظر وقته من غير غفلة عنه فإن التخلف عن القتال مطلقا يسمى ضررا وجبنا • والإقدام فيه مطلقا من غير تبصر في عواقبه وكيفية الخروج عنه يسمى
70ظ
تهورا وطيشا • وكم القى التهور والطيش وعدم المبالاة خلقا في المهالك • ولولا عدم التبصر والتأمل في العواقب • وقطع النظر عن كيفية الخلاص من أمور الحرب ما دخل العسكر المتوجه من حلب في شهور سنة ثلث وأربعين وثمانمائة بعد قضية بكري برميش العاصي وهم خوشكلدي دوادار الشريف الملكي الظاهري بحلب المحروسة ومن معه من تراكمة الأمير أيلوك بن رمضان متولي مصيصة وأدرنه وتلك النواحي كما سيذكر في موضعه • وذلك أن شخصا من أمراء التركمان يقال له موسى بن قرا لما عصي بكري برميش نائب حلب في سنة إثنين وأربعين خرج معه وعصى وكان يعبث ويفسد فلما أمكن الله تعالى من بكري برميش وقتل المنافقون والمخالفون وكفى الله المؤمنين القتال استمر بن قرا على بغيه وعصيانه إذ لم يبق له وجه يقابل به المواقف الشريفة لأن الخائن خائف فكان يعبث هو وجماعته في تلك النواحي فتوجه نحوه الشريفة خوشكلدي كما ذكر وأرسلوا إلى بواب سيس وطرسوس وتلك البلاد والي بن رمضان أن يلاقوهم إلى جهة عينوها • ثم توجه العساكر الحلبية صحبة خوشكلدي فدخلوا مضائق تلك الجبال والأوعار ولم يفتكروا في كيفية الخروج فاستعد لهم بن قرا المذكور قبل ملاقاة العساكر وحين وصلوا إلى باب الملك من عقبه بغراص احتوشتهم التراكمة من رؤس28 تلك المضائق والجبال فرموهم بالسهام والحجارة والمقاليع فقتلوا منهم جماعة ونهبوهم حسبما أرادوا وهذه القضية نظير قضية العساكر التي جهزها الملك الظاهر برقوق رحمه الله في أول ولايته إلى سولي بك بن دلغادر فكمنوا لهم في المضائق ونهبوهم وعروهم فرجعوا إلى حماة في أبشع سورة كل هذا من عدم التأمل في العواقب وقد قيل لسيف الدين خالد بن الوليد رضي الله عنه ما بالنا نراك في بعض الأوقات تهجم على عساكر الأعداء غير مبال بهم قلوا وكثروا ولا تلتفت
71و
إلى من معك هل يتبعك أن ينجدك • ونراك في بعض الأوقات تحجم عن القليل من الناس وتتوارى منهم حتى كأنك أجبن خلق الله فما السبب في ذلك فقال انظر إلى مصادر الحرب قبل مواردها • فإن كان مصدرها هنئا والخروج منها غير مشق ولجتها إذا لجدال مجال • وإن كان الأمر بالعكس احجمت وانتظرت الفرصة • وهذا كما قيل • شعر • فهياك والأمر الذي إن توسعت • موارده ضاقت عليه مصادره • وحاصل الأمر أن جميع الصفات يدخلها العدل وهو صفة بين الإفراط والتفريط • فالإفراط مجاوزة الحد فيها • والتفريط التقصير عنها والإنسان لا يخلوا في حال من الأحوال • من صفة من الصفات • فمهما اقتصد في تلك الصفة فهو عامل فيها بالعدل • وإن جاوز في ذلك الحد فهو مفرط • والا فهو مفرط • وقالت الحكماء للإسكندر عليك في كل الأمور بالاعتدال فإن الزيادة عيب والنقصان عجز • وفي الحديث خير الأمور أوساطها • ولهذا قيل ينبغي للإنسان أن يتعلم من كل علم مقدار ما يحتاج إليه مثلا من علم الطب ما يعرف به مزاجه • ومن علم التفسير والقرآن ما يقدر أن يتكلم به في كتاب الله تعالى لفظا ومعنى ومن علم الحديث ما يعرف به صحيحه وسقيمه • ويضبط به اقسامه ومعرفة رجاله • ومن علم الكلام ما يصحح به دينه ويقيم به اعتقاده ويقينه • ومن علم الأصول ما يقدر به على استنباط الأحكام • ومعرفة أدلة الحلال والحرام • ومن علم الفروع ما يحكم به أصناف العبادات وأنواع العادات • وطريقة العقود • وإقامة الحدود • ومن المعقول ما يقوم به فكره ومن علم الأدب ما يتقن به دقائق الكلام • ومن النحو ما يقيم به لسانه ومن العروض ما يفرق به بين موزون الكلام من غيره • ومن علم مكارم الأخلاق
71ظ
صفحه نامشخص