وإذا كان الأمر هكذا، فكيف يحل لأحد أن ينسب هذا إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويقطع به عليهما بصيغة الجزم، وأن ابن عباس أرادهما ونسب ذلك إليهما؟!
ولو ثبت ذلك عنهما، لم يكن فيه دلالة لما يرويه هذا القائل، بل يكون جوابه ما قدمناه، وهو أنهما لم يخالفا في أصل التخميس، بل في صرفه، ونحن لا ننكر الخلاف في مصرفه، وإنما ننكر على من يقول: لا تخميس أصلا، كما تبوح به هذا القائل.
فإن قيل: ففي ((سنن أبي داود)) بإسناد صحيح: ((أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير، أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى، ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس: لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا، فرددناه عليه وأبينا أن نقبله)).
قلنا: ليس في هذه مخالفة لما قلناه، وقد قال الشافعي-رحمه الله: يجوز أن ابن عباس أراد بقوله: ((أبى ذلك علينا قومنا)) من بعد الصحابة، يزيد بن معاوية وأهله.
فإن قال: فقد روي عن أبي بكر وعمر أنهما أسقطا سهم ذوي القربى.
قلنا: جوابه ما سبق، وهو أنه لو صح ذلك عنهما لم يلزم منه عدم التخميس، بل يصرف إلى غيرهم من الأصناف الأربعة.
صفحه ۵۰