قلنا: هذا حجة عليه لا له؛ لأن ابن عباس يرى الخمس واجبا، وأنه يجب صرف خمس الخمس إلى ذوي القربى كما يقوله الشافعي وموافقوه، لكن بعض ولاة الأمر لا يرى ذلك، بل يرى كرأي مالك وغيره: أن الخمس واجب، ويجب صرفه فيمن يراه الإمام من الأصناف الخمسة المذكورين في الآية الكريمة، بحيث لا يصرف في غيرهم.
وهذا الذي قاله ابن عباس وبعض ولاة التخميس، مبطل لدعوى هذا القائل المتمسك به.
وهذا النوع من عجيب الأدلة، وهو: أن تكون شبهة الخصم حجة ظاهرة عليه.
وليس في حديث ابن عباس أن قومه قالوا: لا يجب التخميس من أصله، كما يدعيه هذا القائل.
فإن قال: أراد ابن عباس بقومه الذين أبوا ذلك: الخلفاء الراشدين، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
قلنا: ليس في حديث ابن عباس ما يقتضي ذلك ولا ما يدل عليه، بل يحتمل أنه أراد بقومه من بعد الخلفاء الراشدين؛ وذلك لأن نجدة الحروري إنما سأل ابن عباس بعد وفاة الخلفاء الراشدين ببضع وعشرين سنة.
ففي رواية أبي دود التصريح بأنه سأله في فتنة ابن الزبير، وكانت فتنة ابن الزبير بعد بضع وستين من الهجرة، وكانت وفاة علي رضي الله عنه ليلة الجمعة، لثلاث عشرة مضت من رمضان سنة أربعين.
صفحه ۴۹