الفصل الثالث: في مقدار عمره (عليه السلام) وتفصيل ذلك
عاش (عليه السلام) ثلاثا وستين سنة، منها عشر سنين قبل البعثة، وأسلم وهو ابن عشر، وكانت مدة مقامه مع رسول الله (صلوات الله عليه) بعد البعثة ثلاثا وعشرين سنة، منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة في امتحان وإبتلاء محتملا عنه أكبر الأثقال؛ وعشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه المشركين، ويقيه بنفسه عن أعدائه في الدين، حتى قبض الله تعالى نبيه إلى جنته، ورفعه في عليين (صلوات الله عليه) وله يومئذ ثلاث وثلاثون سنة.
وأقام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ولي أمره ووصيه ثلاثين سنة، وغصب حقه منها ومنع من التصرف فيه أربعا وعشرين سنة وأشهرا، وكان (عليه السلام) مستعملا فيها التقية والمداراة، وولي الخلافة خمس سنين وأشهرا ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث عشرة سنة من أيام نبوته ممنوعا من أحكامها، خائفا، ومحبوسا، وهاربا، ومطرودا، غير متمكن من جهاد الكافرين، ولا مستطيع دفعا عن المؤمنين.
ثم هاجر وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين مبتلى بالمنافقين إلى أن قبضه الله تعالى إليه.
الفصل الرابع: في ذكر وفاته وموضع قبره (عليه السلام)
مضى (صلوات الله عليه) ليلة الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي أشقى الآخرين (لعنة الله عليه) في مسجد الكوفة، وذلك أنه خرج (عليه السلام) يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة. وكان ابن ملجم اللعين ارتصده من أول الليل لذلك. فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره، فماكر بإظهار النوم، ثار (1) إليه وضربه على أم رأسه بالسيف وكان
صفحه ۷۵