ألا ترى أن الأمم الماضية من الملوك، لم يكن شيء أحب إليهم من أن يفعلوا شيئًا تعجز عنه الرعية، أو يتزيوا بزي ينهون الرعية عن مثله؟! فمن ذلك أردشير بن بابك، وكان أنبل ملوك بني ساسان. كان إذا وضع التاج على رأسه، لم يضع أحد في المملكة على رأسه قضيب ريحانٍ متشبهًا به؛ وكان إذا ركب في لبسةٍ، لم ير على أحدٍ مثلها؛ وإذا تختم بخاتمٍ، فحرام على أهل المملكة أن يتختموا بمثل ذلك الفص، وإن بعد في التشابه.
وهذه من فصائل الملوك. وطاعة أهل المملكة أن تتحامى أكثر زي الملك، وأكثر أحواله وشيمه، حتى لا يأتي مالا بد لها منه.
وهذا أبو أحيحة سعيد بن العاص: كان إذا اعتم بمكة، لم يعتم أحد بعمةٍ ما دامت على رأسه.
وهذا الحجاج بن يوسف؛ كان إذا وضع على رأسه طويلة، لم يجتريء أحد من خلق الله أن يدخل، وعلى رأسه مثلها.
وهذا عبد الملك بن مروان؛ كان إذا لبس الخف الأصفر، لم يلبس أحد من الخلق خفًا أصفر حتى ينزعه.
1 / 45