قال: عبدك المجفو المطرح، ياسيدي إسحاق قال: يحضر الساعة.
فجاءه رسوله، وإسحق مستعد، قد علم انه إن سمع الغناء من مجيدٍ مودٍ أنه سيبعث إليه فجاءه الرسول؛ فحدثت انه لما دخل عليه، ودنا منه، مد يده غليه، ثم قال: ادن مني. فأكب عليه واحتضنه المأمون، وأدنا، واقبل عليه بوجهه مصغيًا إليه، ومسرورًا به.
أخلاق الملك السعيد
ومن أخلاق الملك السعيد ترك القطوب في المنادمة، وقلة التحفظ على ندمائه، ولا سيما إذا غلب أحدهم على عقله، وكان غيره أملك به منه بنفسه.
وللسكر حد، إذا بلغه نديم الملك، فأجمل الأمور وأحراها بأخلاقه أن لا يؤاخذه بزلةٍ إن سبقته، ولا بلفظةٍ إن غلبت لسانه، ولا بهفوةٍ كانت إحدى خواطره.
والحد في ذلك أن لا يفعل ما يقول، ولا ما يقال له؛ وإن خلي ونفسه، رمى بها في مهواة، وإن أراد أحد أخذ ثيابه لم يمانعه.
فأما إذا كان ممن يعرف ما يأتي وما يذر، وكان إذا رام أحد اخذ ما معه، قاتله دونه؛ وكان إذا شتم، غضب وانتصر، وإذا تكلم أفصح، وقل سقطه؛ فإذا كانت هذه صفته، ثم جاءت منه زلة، فعلى عمدٍ أتاها، وبقصدٍ فعلها. فالملك جدير أن يعاقبه بقدر ذنبه. فإن ترك عقوبة هذا ومن أشبهه، قدح في عزه وسلطانه.
1 / 43