يطير طربًا، فاستعاده عامة ليله، وقال: ما رأيت صوتًا يجمع السخاء والطرب وجودة الصنعة والسخف غير هذا الصوت! فأقبل إبراهيم، فقال: يا أمير المؤمنين! لو وهب لك إنسان مائة ألف درهم، أو لو وجدت مائة ألف درهم مطروحةً، كنت أسر بها أو بهذا الصوت؟ قال: والله، لأنا أسر بهذا الصوت مني بألف ألف، ألف ألف. قال: فلو فقدت من بيت مالك مائة ألف كان أشد عليك، أو لو فقدت هذا الصوت وفاتك هذا السرور؟ قال: بل ألف ألف، وألف ألف أهون علي.
قال: فلم لا تهب مائة ألف أو مائتي ألف لمن أتاك بشيءٍ فقد ألفي ألفٍ أهون عليك منه؟ فأمر له بمائتي ألف درهم.
الخليفة الأمين
قلت لإسحق: فالمخلوع، أين كان ممن ذكرت؟ قال: ما كان أعجب أمره كله! فأما تبذله، فما كان يبالي أين قعد، ومع من قعد. وكان، لو كان بينه وبين ندمائه مائة حجاب، خرقها كلها، وألقاها عن وجهه، حتى يقعد حيث قعدوا. وكان من أعطى الخلق لذهبٍ وفضة، وأنهبهم للأموال إذا طرب أو لها.
وقد رأيته، وقد أمر لبعض أهل بيته في ليلةٍ بوقر زورق ذهبًا، فانصرف به.
وأمر لي، ذات ليلة، بأربعين ألف دينار، فحملت أمامي. ولقد غناه إبراهيم بن المهدي غناءً لم أرتضه. فقام عن مجلسه، فأكب عليه، فقبل رأسه. فقام
1 / 40