قال إبراهيم: فغنيت، يومًا، على ضربه، فخطأني. فقلت لصاحب الستارة: هو، والله، اخطأ!.
قال: فرفع الستارة، ثم قال: يقول لك أمير المؤمنين: أنت، والله، أخطأت!.
فحمي زلزل، وقال: يا إبراهيم، تخطئني؟ فوالله ما فتح أحد من المغنين فاه بغير لفظٍ إلا عرفت غرضه! فكيف أخطيء، وهذه حالي؟.
فأداها صاحب الستارة، فقال الرشيد: قل له: صدقت! أنت كما وصفت نفسك، وكذب إبراهيم وأخطأ.
قال إبراهيم: فغمني ذلك، فقلت لصاحب الستارة: أبلغ أمير المؤمنين، سيدي ومولاي، أن بفارس رجلًا يقال له سنيد، لم يخلق لله أضرب منه بعود، ولا أحسن مجسًا، وغن بعث إليه أمير المؤمنين فحمله، عرف فضله، وتغنيت على ضربه. فغن زلزلًا يكايدني مكايدة القصاص والقرادين.
قال: فوجه الرشيد إلى الفارسي، فحمل على البريد، فأقلق ذلك زلزلًا وغمه. فلما قدم بالفارسي، أحضرنا، وأخذنا مجالسنا، وجاؤوا بالعيدان قد سويت. وكذلك كان يفعل في مجلس الخلافة، ليس يدفع إلى أحدٍ عوده، فيحتاج إلى أن يحركه، لأنها قد سويت وعلقت مثالثها مشاكلةً للزيرة على الدقة والغلظ.
قال: فلما وضع عود الفارسي في يديه، نظر إليه منصور زلزل فأسفر وجهه، وأشرق لونه، فضرب وتغنى عليه إبراهيم. ثم قال صاحب الستارة لزلزل: يا منصور، إضرب.
قال: فلما جس العود، ما تمالك الفارسي أن وثب من مجلسه بغير إذن، حتى قبل رأس زلزلٍ وأطرافه، وقال: مثلك، جعلت فداك
1 / 38